ويقول الله سبحانه وتعالى في وصف نفسه (ليس كمثله شئ وهو السميع البصير)، وهو القائل (بسم الله الرحمن الرحيم، قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد) ويقول سبحانه (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد).
وجاء في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على هذا المعنى، فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما سمع ضجيجا بالدعاء، قال لأصحابه الذين كانوا يرفعون أصواتهم بالدعاء: (إنكم لا تدعون أصم إن الذي تدعونه أقرب إليكم من عنق رواحلكم) ويقول عليه أفضل الصلاة والسلام:
(إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قبل وجهه فإن الله سبحانه بينه وبين قبلته) فهل يقال: بأن الله سبحانه وتعالى بذاته أمام قبلة كل مصل، وهذا يتنافى مع تحيزه في جهة العرش عند الذين يقولون بأن الله سبحانه وتعالى متحيز في الجهة العلوية.
فإذا ثبت تأويل الحديث ثبت الآية الكريمة، بل الأولى أن تؤول الآية لأن الله سبحانه وتعالى أخبر عن أمر وقع، حيث قال (الرحمن على العرش استوى)، فقال أيضا (ثم استوى على العرش).
ولا يعترض علينا بأن ثم تفيد المهلة الزمنية، وأن الله تعالى ذكر الاستواء على العرش عقب ذكر خلق السماوات والأرض (الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش) لأن ثم ليس للمهلة الزمنية وإنما للمهلة الرتبية وقد نص كثيرا (كذا) من علماء اللغة العربية بأن ثم إذا جاءت عاطفة على جملة فهي للمهلة الرتبية وليست للمهلة الزمنية، ونحن لا نقول بإطلاق ذلك، إلا إننا نقول: بأن