(والعجب ممن أنكر المعنى المفهوم من كلام العرب في تأويل قول الله: (ثم استوى إلى السماء) الذي هو بمعنى العلو والارتفاع هربا من عند نفسه من أن يلزمه بزعمه إذا تأوله بمعناه المفهوم كذلك أن يكون إنما علا وارتفع بعد أن كان تحتها إلى أن تأوله بالمجهول من تأويله المستنكر، ثم لم ينج مما هرب منه، فيقال له: زعمت أن تأويل قوله (استوى): أقبل، أفكان مدبرا عن السماء فأقبل إليها؟ فإن زعم أن ذلك ليس بإقبال فعل ولكنه إقبال تدبير، قيل له:
فكذلك فقل: علا عليها علو ملك وسلطان لا علو انتقال وزوال).
فاتضح بهذا أن السلف كانوا يؤولون الاستواء بعلو الملك والسلطان والقهر وهو علو رتبة (معنوي)، لا علو حسي حقيقي، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
أول الحافظ ابن حبان (ت 354 ه) في صحيحه 1 - 502، حديث (حتى يضع الرب قدمه فيها) أي جهنم، فقال: (هذا الخبر من الأخبار التي أطلقت بتمثيل المجاورة، وذلك أن يوم القيامة يلقي في النار من الأمم والأمكنة التي يعصى الله فيها فلا تزال تستزيد حتى يضع الرب جل وعلا موضعا من الكفار والأمكنة فتمتلئ فتقول: قط قط، تريد: حسبي حسبي، لأن العرب تطلق في لغتها اسم القدم على الموضع، قال الله جل وعلا: لهم قدم صدق عند ربهم) يريد: موضع صدق، لا أن الله جل وعلا يضع قدمه في النار، جل ربنا وتعالى عن مثل هذا وأشباهه) ا ه . تأويل الإمام مالك رحمه الله تعالى، روى الحافظ ابن عبد البر في التمهيد 7 - 143 وذكر الحافظ الذهبي في (سير أعلام النبلاء) 8 - 105، أن الإمام مالك أول النزول الوارد في الحديث بنزول أمره وهذا النص من السير: (قال