وسيان عندي قتل الزبير * وضرطة بذي الجحفة وقيل: إن الزبير لما فارق الحرب وبلغ سفوان أتى انسان إلى الأحنف بن قيس فقال: هذا الزبير قد لقي بسفوان. فقال الأحنف: ما شاء الله كان، قد جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيوف، ثم يلحق ببيته وأهله. فسمعه ابن جرموز وفضالة بن حابس ونفيع بن غواة من تميم فركبوا، فأتاه ابن جرموز من خلفه فطعنه طعنة خفيفة وحمل عليه الزبير وهو على فرس له يقال له (ذو الخمار) حتى إذا ظن أنه قاتله نادى صاحبيه فحملوا عليه فقتلوه. وكان عمره لما قتل سبعا وستين سنة، وقيل أكثر.
وقد رثته الشعراء وذكرت غدر ابن جرموز به، وممن رثاه زوجته عاتكة بنت زيد ابن عمرو بن نفيل أخت سعيد بن زيد، فقالت:
غدر ابن جرموز بفارس تهمة * يوم اللقاء وكان غير معدد يا عمرو لو نبهته لوجدته * لا طائشا رعش الجنان ولا اليد هبلتك أمك إن قتلت لمسلما * حلت عليك عقوبة المتعمد ما إن رأيت ولا سمعت يمثله * فيمن مضى ممن يروح ويغتدي كان أو من قتل طلحة وقتل الزبير وهما من كبار الصحابة، وكان قتلهما خسارة كبيرة، وقد أسف عليهما علي رضي الله عنه أسفا شديدا.
احتدم القتال، وانجلت الوقعة عن انهزام أصحاب الجمل. فلما كانت الهزيمة قالت عائشة لكعب بن سور: خل عن الجمل وتقدم بالمصحف فادعهم إليه وناولته مصحفا، فاستقبل القوم فأصابه سهم فقتل، ورموا أم المؤمنين في هودجها، فجعلت تنادي البقية البقية يا بني، ويعلو صوتها كثرة: الله أكبر، الله أكبر، اذكروا الله والحساب، فأبوا إلا إقداما. فكان أول شئ أحدثته حين أبوا أن قالت: أيها الناس العنوا قتلة عثمان وأشياعهم، وأقبلت تدعو وضج الناس بالدعاء. فسمع علي فقال ما هذه الضجة؟ قالوا عائشة تدعو على قتلة عثمان وأشياعهم. فقال علي: اللهم العن قتلة