عليه السلام.
ثم دعا كرم الله وجهه قمبرا مولاه قائلا: ادع لي بشرطة الخميس - والشرطة العسكرية - فلما حضروا وكل بكل رجل منهم رجلا من الشرطة ثم نظر إلى وجوههم فقال: ماذا تقولون؟ هل تقولون إني لا أعلم ما صنعتم بوالد هذا الفتى، إني إذا لجاهل. ثم قال للشرطة: فرقوهم وغطوا رؤوسهم. ففرقوا بينهم، وأقيم كل رجل منهم إلى جانب أسطوانة من أساطين المسجد فغطاهم بثيابهم، ثم دعا كاتبه فقال: هات صحيفة ودواة. ثم جلس الإمام في مجلس القضاء وجلس الناس إليه، فقال لهم: إذا أنا كبرت فكبروا، ثم قال للناس: اخرجوا، ثم دعا بواحد من المتهمين فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه، ثم قال لكاتبه: اكتب إقراره وما يقول: ثم أقبل عليه بالسؤال فقال له: في أي يوم خرجتم من منازلكم وأبو هذا الفتى معكم؟ قال الرجل: في يوم كذا وكذا. فسأله الإمام: وفي أي شهر؟ قال:
في شهر كذا وكذا. قال الإمام: وإلى أي مكان بلغتم في سفركم حتى مات أبو هذا الفتى؟ قال: بلغنا موضع كذا وكذا. قال: وفي منزل من مات هذا الرجل؟ قال: في منزل فلان ابن فلان. قال الإمام: ماذا كان مرضه وكم يوما مرض؟ قال: كذا وكذا.
ثم ما زال الإمام يسأله: من غسله؟ من كفنه؟ بماذا كفنتموه؟ من صلى عليه؟ ثم من نزل في قبره؟. فلما سأله الإمام عن جميع ما يريد كبر كرم الله وجهه فكبر الناس جميعا، فارتاب الباقون ولم يشكوا في أن صاحبهم أقر عليهم وعلى نفسه. وأمر الإمام أن يغطى رأسه وينطلق به إلى السجن. ثم دعا بآخر فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه ثم قال: زعمتم أني لا أعلم ما صنعتم؟ فقال: يا أمير المؤمنين ما أنا إلا واحد من القوم، ولقد كنت كارها لقتله. وما زال الإمام يدعو واحدا بعد واحد حتى أقروا بالقتل وأخذ المال. ثم أمر برد الذي حبس فأقر أيضا، فألزمهم الإمام المال والدم.
ومنهم العلامة الشيخ محمد العربي التباني الجزائري المكي في " تحذير العبقري "