الله وهو صريع فقال: لهفي عليك يا أبا محمد، إنا لله وإنا إليه راجعون، والله لقد كنت أكره أن أرى قريشا صرعى. وجعل كلما مر برجل فيه خير قال: زعم من زعم أنه لم يخرج إلينا إلا الغوغاء، وهذا العابد المجتهد فيهم. وصلى علي على القتلى من أهل البصرة والكوفة، وصلى على قريش من هؤلاء وهؤلاء.
وأمر فدفنت الأطراف (الأيدي والأرجل والرؤس) في قبر عظيم. وجمع ما كان في العسكر من شئ وبعث به إلى مسجد البصرة، وقال: من عرف شيئا فليأخذه إلا سلاحا كان في الخزائن عليه سمة السلطان. وكان جميع القتلى من أهل البصرة 10000 نصفهم من أصحاب علي ونصفهم من أصحاب عائشة، وقتل من أهل الكوفة 5000 وقتل من ضبة ألف رجل، ومن بني عدى حول الجمل 70 رجلا كلهم قد قرأ القرآن، سوى الشباب ومن لم يقرأ.
إلى أن قال في ص 301:
عنيت بإثبات المراسلات والخطب والأحاديث من أهم المصادر لأنها في نظرنا أعظم ما يستند إليه المؤرخ ومنها يتبين روح العصر ومقاصد الرجال الذين كان لهم شأن في تحريك الحوادث وتفاصيل الوقائع وهي العمدة التي يبني عليها المؤرخ حكمه، وإن لدينا والحمد لله مستندات ووثائق كثيرة من هذا النوع تتجلى منها الحقائق التاريخية.
بقي علينا أن نستخلص للقارئ زبدة الحوادث ونربط بعضها ببعض مع تعليلها وتعليل نتائجها وتقدير الظروف، فنقول وعلى الله عز وجل التوفيق:
بعد أن قتل عثمان رضي الله عنه، هرب أقاربه إلى مكة وأقبل أهل المدينة يبايعون عليا رضي الله عنه وكان يومئذ أحق الصحابة بالخلافة لأنه من أسبقهم إلى الإسلام وابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وربيبه وصهره ولجهاده في سبيل نصرة الدين وعلمه وفضله، فبايعه المهاجرون والأنصار وتلكأ طلحة والزبير ثم بايعاه