ثم ضاع خطام الجمل ونادى علي اعقروا الجمل فإنه إن عقر تفرقوا، فضربه رجل فسقط وقتل من بني ذهل خمسة وثلاثون رجلا.
وقيل في عقر الجمل: إن القعقاع لقي الأشتر وقد عاد من القتال عند الجمل فقال:
هل لك في العود؟ فلم يجبه. فقال: يا أشتر بعضنا أعلم بقتال بعض منك. وحمل القعقاع والزمام مع زفر بن الحارث وكان آخر من أخذ الخطام، فلم يبق شيخ من بني عامر إلا أصيب أمام الجمل، وزفر بن الحارث يرتجز ويقول:
يا أمنا مثلك لا يراع * كل بنيك بطل شجاع ليس بوهواه ولا يراع وقال القعقاع:
إذا وردنا آجنا جهرناه * ولا يطاق ورد ما منعناه وزحف إلى زفر بن الحارث وتسرعت عامر إلى حربه فأصيبوا. فقال القعقاع لبجير بن دلجة، وهو من أصحاب علي: يا بجير بن دلجة صح بقومك فليقروا الجمل قبل أن تصابوا، وتصاب أم المؤمنين. فقال بجير: يا آل ضبة يا عمرو بن دلجة، ادع بي إليك فدعاه، فقال أنا آمن حتى أرجع عنكم. قال نعم فاجتث ساق البعير فرمى نفسه على شقه، وجرجر البعير. فقال القعقاع لمن يليه: أنتم آمنون واجتمع هو وزفر على قطع بطان البعير (هو حزام القتب الذي يجعل تحت البعير) وحملا الهودج فوضعاه وكان كالقنفذ لكثرة ما فيه من السهام التي أصابته، ثم أطافا به. وفر من وراء ذلك الناس. عند ذلك أمر علي نفرا أن يحملوا الهودج من بين القتلى وأمر أخاها محمد بن أبي بكر أن يضرب عليها قبة. وقال انظر هل وصل إليها شئ من جراحة، فأدخل رأسه في هودجها، فقالت من أنت؟ فقال: أبغض أهلك إليك. قالت: ابن الخثعمية؟ قال: نعم. قالت: الحمد لله الذي عافاك.