إلى أن قال:
وأما الزبير فإنه مر بعسكر الأحنف بن قيس فقال: والله ما هذا انحياز، جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم بعضا ثم لحق ببيته. وقال الأحنف: من يأتيني بخبره؟
فقال عمرو بن جرموز لأصحابه أنا، فاتبعه. فلما لحقه نظر إليه الزبير. فقال: ما وراءك؟ قال: إنما أريد أن أسألك. فقال غلام الزبير اسمه عطية: إنه معد. قال: ما يهولك من رجل، وحضرت الصلاة، فقال ابن جرموز: الصلاة. فلما نزلا وسجد الزبير استدبره ابن جرموز فطعنه بالسيف حتى قتله وأخذ فرسه وسلاحه وخاتمه وخلى عن الغلام، فدفنه بوادي السباع ورجع إلى الناس بالخبر. وقال الأحنف لابن جرموز: والله ما أدري أحسنت أم أسأت؟
فأتى ابن جرموز عليا فقال لحاجبه: استأذن لقاتل الزبير، فقال علي ائذن له، وبشره بالنار، وأحضر سيف الزبير عند علي، فأخذه فنظر إليه، وقال: طالما خلى به الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث به إلى عائشة. وكان قتل الزبير لعشر خلون من جمادى الأولى سنة 36 ه.
وقيل: إن ابن جرموز استأذن على علي، فلم يأذن له وقال: بشره بالنار، فقال:
أتيت عليا برأس الزبير * أرجو لديه به الزلفة فبشر بالنار إذ جئته * فبئس البشارة والتحفة