أهل البصرة المعروفات، وردها إلى المدينة مكرمة محترمة. وحاربه أهل البصرة وسبوه ولعنوه، فلما ظفر بهم رفع السيف عنهم. ولما ملك عسكر معاوية عليه الماء وأحاطوا بشريعة الفرات وقال رؤساء الشام له: اقتلهم بالعطش كما قتلوا عثمان عطشا، سألهم علي وأصحابه أن يسوغوا له شرب الماء، فقالوا: لا والله ولا قطرة حتى تموت ظمأ كما مات عثمان بن عفان.
فلما رأى أن الموت لا محالة منه تقدم بأصحابه، وهجم على عسكر معاوية حملات كثيفة، حتى أزالهم عن مراكزهم، بعد قتل ذريع، وملكوا عليهم الماء، وصار أصحاب معاوية في الفلات بلا ماء، فقال أصحابه وشيعته: امنعهم الماء يا أمير المؤمنين كما منعوك ولا تسقهم قطرة، واقتلهم بسيوف العطش، وخذهم قبضا بالأيدي فلا حاجة لك إلى الحرب. فقال رضي الله عنه: لا والله لا أكافئهم بمثل فعلهم، افسحوا لهم عن بعض الشريعة، ففي حد السيف ما يغني عن ذلك.
مستدرك من عدله وعفوه وسماحته ما أوصاه في قاتله أطعموه واسقوه وأحسنوا إساره ولا تمثلوا به قد تقدم نقل ما يدل عليه عن أعلام العامة في ج 8 ص 565 وص 789 و ج 17 ص 550 وص 562 و ج 18 ص 41 ومواضع أخرى، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق:
فمنهم قائد الشافعية أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المتوفى سنة 204 في " المسند " (ص 313 ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال: