قال ابن عباس فقلت لعلي: أما المرة الأولى فقد نصحك وأما المرة الأخيرة فقد غشك. فقال علي: ولم نصحني؟ قلت: لأنك تعلم أن معاوية وأصحابه أهل دنيا فمتى تثبتهم لا يبالوا بمن ولي هذا الأمر ومتى تعزلهم يقولوا: أخذ الأمر بغير شورى ويؤلبون عليك فينقض عليك أهل الشام وأهل العراق مع أني لا آمن طلحة والزبير أن يكرا عليك. فقال علي: أما ما ذكرت من إقرارهم فوالله ما أشك إن ذلك خير في عاجل الدنيا لإصلاحها، وأما الذي يلزمني من الحق والمعرفة بعمال عثمان فوالله لا أولي أحدا منهم أبدا فإن أقبلوا فذلك خير لهم وإن أدبروا بذلت لهم السيف.
ومنهم العلامة أبو عبد الله محمد بن علي بن أحمد بن حديدة الأنصاري المقدسي الحنبلي في (المصباح المضي في كتاب النبي) (ج 1 ص 237 ط دائرة المعارف العثمانية في حيدرآباد الدكن) قال:
ولما قتل عثمان وبايع الناس عليا رضي الله عنهما دخل عليه المغيرة فقال له: يا أمير المؤمنين إن لك عندي نصيحة. قال: وما هي؟ قال: إن أردت أن يستقيم لك الأمر، فاستعمل طلحة بن عبيد الله على الكوفة، والزبير بن العوام على البصرة، وابعث إلى معاوية بعهده إلى الشام حتى تلزمه طاعتك، فإذا استقرت لك الخلافة فأدرها كيف شئت برأيك. فقال علي رضي الله عنه: أما طلحة والزبير فسأرى رأيي فيهما، وأما معاوية فلا والله لا أراني الله مستعملا ولا مستعينا به ما دام على حاله ولكني أدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه المسلمون فإن أبى حاكمته إلى الله تعالى.