ليعرف مكانه ويظهر شأنه إلى علي كرم الله وجهه ومن تبعه من النفر، فقال: هل من مبارز. فذكر ما تقدم عن (إنارة الدجى) من قوله: أين جنتكم - إلى آخر رجز علي ثم قال:
يا عمرو إنك كنت أخذت على نفسك عهدا أن لا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خلتين إلا أجبته إلى واحدة منهما. قال له: أجل. فقال له علي: إني أدعوك إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وإلى الاسلام. فقال: أما هذه فلا لي حاجة فيها. فقال له علي: إذا كرهت هذه فإني أدعوك إلى النزال. فقال:
ولم يا بن أخي فما أحب أن أقتلك ولقد كان أبوك خلالي. فقال علي: ولكني والله أحب أن أقتلك. فحمى عمرو وغضب من كلامه فاقتحم عن فرسه إلى الأرض وضرب وجهها، فنزل علي رضي الله عنه عن فرسه وأقبل كل واحد على الآخر فتصاولا وتجاولا ساعة، ثم ضربه علي على عاتقه بالسيف ورمى جنبه إلى الأرض وتركه قتيلا. ثم ركب على فرسه وكر عليه ولده حسل بن عمرو فقتله علي أيضا فخرجت خيولهم منهزمة ورمى عكرمة بن أبي جهل رمحه وفر منهزما مع انهزام أصحابه، فرجع علي رضي الله عنه وهو يقول:
أعلي تفتخر الفوارس هكذا * عني وعنهم سائلوا أصحابي اليوم يمنعني الفرار حفيظتي * ومصمم في الرأس ليس بنابي أديت عمرا إذ طغى بمهند * صافي الحديد مجرب قطابي وعذوت التمس القراع بصارم * عضب كلون الملح في أقرابي إلا ابن عبد حين شد إليه * وحلفت فاستمعوا من الكذابي ألا يفر ولا يهلل فالتقى * رجلان يضطربان كل ضرابي نصر الحجارة من سفاهة رأيه * ونصرت دين محمد بصوابي وغدوت حين تركته متجدلا * كالعير بين دكادك وروابي