متلطخ بدم وبين يديه قتيل يتشحط في دمه، فسأله فقال: أنا قتلته. قال: اذهبوا به فاقتلوه. فلما ذهبوا به أقبل رجل مسرعا فقال: يا قوم لا تعجلوا ردوه إلى علي فردوه فقال الرجل: يا أمير المؤمنين ما هذا صاحبه أنا قتلته، فقال علي للأول:
ما حملك على أن قلت: أنا قاتله ولم تقتله؟ قال: يا أمير المؤمنين وما أستطيع أن أصنع؟ وقد وقف العسس على رجل يتشحط في دمه وأنا واقف وفي يدي سكين وفيها أثر الدم وقد أخذت في خربة فخفت أن لا يقبل مني وأن يكون قسامة، فاعترفت بما لم أصنع واحتسبت نفسي عند الله. فقال علي: بئسما صنعت فكيف كان حديثك؟
قال: إني رجل قصاب، خرجت إلى حانوتي في الغلس فذبحت بقرة وسلختها، فبينما أنا أصلحها والسكين في يدي أخذني البول، فأتيت خربة كانت بقربى فدخلتها فقضيت حاجتي وعدت أريد حانوتي، فإذا أنا بهذا المقتول يتشحط في دمه، فراعني أمره فوقفت أنظر إليه والسكين في يدي، فلم أشعر إلا بأصحابك قد وقفوا علي فأخذوني، فقال الناس: هذا قتل هذا ما له قاتل سواه فأيقنت أنك لا تترك قولهم لقولي فاعترفت بما لم أجنه.
فقال علي للمقر الثاني: فأنت كيف كانت قصتك؟ فقال: أغواني إبليس فقتلت الرجل طمعا في ماله، ثم سمعت حس العسس فخرجت من الخربة واستقبلت هذا القصاب على الحال التي وصف، فاستترت منه ببعض الخربة حتى أتى العسس فأخذوه وأتوك به، فلما أمرت بقتله علمت أني سأبوء بدمه أيضا فاعترفت بالحق. فقال للحسن: ما الحكم في هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين إن كان قد قتل نفسا فقد أحيا نفسا وقد قال الله تعالى (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا). فخلى علي عنهما وأخرج دية القتيل من بيت المال.