ومنهم العلامة الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن القيم الجوزية الحنبلي المتوفى سنة 751 في (الطرق الحكمية في السياسة الشرعية) (ص 51 ط مطبعة شركة مساهمة مصرية) قال:
قال أصبغ بن نباتة: إن شابا شكا إلى علي رضي الله عنه نفرا، فقال: إن هؤلاء خرجوا مع أبي في سفر فعادوا ولم يعد أبي، فسألتهم عنه فقالوا: مات، فسألتهم عن ماله فقالوا: ما ترك شيئا، وكان معه مال كثير، وترافعنا إلى شريح فاستحلفهم وخلى سبيلهم، فدعا علي الشرط، فوكل بكل رجل رجلين وأوصاهم أن لا يمكنوا بعضهم يدنو من بعض، ولا يمكنوا أحدا يكلمهم، ودعا كاتبه ودعا أحدهم فقال: أخبرني عن أبي هذا الفتى أي يوم خرج معكم؟ وفي أي منزل نزلتم؟ وكيف كان مسيركم؟ وبأي علة مات؟ وكيف أصيب ماله؟ وسأله عمن غسله ودفنه؟ ومن تولى الصلاة عليه؟ وأين دفن؟ ونحو ذلك. والكاتب يكتب، فكبر علي فكبر الحاضرون، والمتهمون لا علم لهم إلا أنهم ظنوا أن صاحبهم قد أقر عليهم.
ثم دعا آخر بعد أن غيب الأول عن مجلسه فسأله كما سأل صاحبه، ثم الآخر كذلك حتى عرف ما عند الجميع، فوجل كل واحد منهم يخبر بضد ما أخبر.
به صاحبه، ثم أمر برد الأول فقال: يا عدو الله قد عرفت عنادك وكذبك بما سمعت من أصحابك وما ينجيك من العقوبة إلا الصدق، ثم أمر به إلى السجن وكبر، وكبر معه الحاضرون.
فلما أبصر القوم الحال لم يشكوا أن صاحبهم أقر عليه، فدعا آخر منهم فهدده فقال: يا أمير المؤمنين والله لقد كنت كارها لما صنعوا. ثم دعا الجميع فأقروا بالقصة، استدعى الذي في السجن وقيل له: قد أقر أصحابك ولا ينجيك