للرجل امرأة وكان كثير الغيبة عن أهله فشبت اليتيمة فخافت المرأة أن يتزوجها فدعت نسوة حتى أمسكنها فأخذت عذرتها بإصبعها، فلما قدم زوجها من غيبته رمتها المرأة بالفاحشة، وأقامت البينة من جاراتها اللواتي ساعدنها على ذلك.
فسأل المرأة: ألك شهود؟ قالت: نعم هؤلاء جاراتي يشهدن بما أقول.
فأحضرهن علي وأحضر السيف وطرحه بين يديه وفرق بينهن فأدخل كل امرأة بيتا، فدعا امرأة الرجل فأدارها بكل وجه فلم تزل عن قولها، فردها إلى البيت الذي كانت فيه ودعا بإحدى شهود وجثا على ركبتيه وقال: قالت المرأة ما قالت ورجعت إلى الحق وأعطيتها الأمان، وإن لم تصدقيني لأفعلن ولأفعلن.
فقالت: لا والله ما فعلت إلا أنها رأت جمالا وهيبة فخافت فساد زوجها، فدعتنا وأمسكناها حتى افتضتها بإصبعها. فقال علي: الله أكبر أنا أول من من فرق بين الشاهدين.
فألزم المرأة حد القذف وألزم النسوة جميعا العفو، وأمر الرجل أن يطلق المرأة وزوجه اليتيمة وساق إليها المهر من عنده.
ثم حدثهم: إن دانيال كان يتيما لا أب له ولا أم، وأن عجوزا من بني إسرائيل ضمته وكفلته وإن ملكا من ملوك بني إسرائيل كان له قاضيان. وكانت امرأته مهيبة جميلة، تأتي الملك فتناصحه وتقص عليه، وأن القاضيين عشقاها فراوداها عن نفسها فأبت، فشهدا عليها عند الملك أنها بغت.
فدخل الملك من ذلك أمر عظيم واشتد غمه، وكان بها معجبا، فقال لهما:
إن قولكما مقبول، وأجلها ثلاثة أيام، ثم يرجمونها، ونادى في البلد: احضروا رجم فلانة. فأكثر الناس في ذلك، وقال الملك لثقته: هل عندك من حيلة؟
فقال: ماذا عسى عندي - يعني وقد شهد عليها القاضيان - فخرج ذلك الرجل في اليوم الثالث، فإذا هو بغلمان يلعبون وفيهم دانيال وهو لا يعرفه، فقال دانيال: