غلطة، ومعنى غلطة أنها على غير الحق. أما عثمان فخالف الإسلام، ولذا ثارت عليه الأقطار الإسلامية بتحريض السيدة عائشة، فكانت الثورة عليه شعبية إسلامية، لا شعوبية، ولا من الشذاذ وقطاع الطرق - كما قيل -.
وإن الأصحاب الذين حالوا بين علي والخلافة إنما فعلوا ذلك لسببين:
الأول: إنه شديد في الحق، لا يتساهل به أبدا.
الثاني: التعصب على أهل البيت، حيث كرهوا أن تجتمع في بيت واحد، وهو بيت محمد النبوة والخلافة.
وإذا أبى من أبى تعصبا وعنادا أن يعترف لعلي بالخلافة، لا لشئ إلا لأنه على حق، ومن أهل البيت، فإن الشيعة آمنوا بخلافته، لأنهم يؤمنون بالحق، وأحبوه، لأنهم يحبون النبي وأهل بيته الأطهار.
وبالإجمال فإن ما قاله الإمامية في هذا الباب لا يزيد في حقيقة شيئا عما قاله أحمد أمين في كتاب " يوم الإسلام " الذي ألفه في أيامه الأخيرة، وبعد أن أقام الدنيا، ولم يقعدها على الإمامية في فجر الإسلام وضحاه. وسبق أن أثبتنا بالأرقام أن من أنكر التقية يقول بها، وأن التهمة بالجفر بمعنى علوم الغيب، وبتحريف القرآن، وما إلى ذاك هي أليق وألصق بمنن اتهم وتهجم.
ومن الخير أن نذكره بهذه المناسبة ما قاله الشيخ محمد رضا المظفر في كتاب " السقيفة " ص 66 وما بعدها طبعة 1953،. قال:
" ما بال عمر بن الخطاب لم يعتقد بهجر أبي بكر حين أوصى له بالخلافة من بعده، مع أن أبا بكر كان مريضا حين الوصية، حتى أغمي عليه من شدة الوجع، وأثناء تحرير الاستخلاف الذي كان يتولاه عثمان بن عفان، فأتم عثمان النص على عمر دون أن يعلم أبو بكر، خشية أن يدركه الموت قبل الوصية.
وحين استفاق أمضى ما كتب عثمان.
لقد علم عمر أن النبي سينص في الكتاب على علي لا محالة، ذلك أنه قال:
أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده أبدا، وكان أن سبق وعبر مثل هذا التعبير في حديث الثقلين، حيث قال: إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي. لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما أبدا. ففهم عمر ماذا يريد الرسول، ولذا قال: إنه يهجر، أو وجع ".