وسكوتهم عن الخوارج الذين قال عنهم النبي (ص): إنهم يمرقون من الإسلام، كما يمرق السهم من الرمية. بل إن الشاطبي أوصى بالستر عليهم، وعدم التعرض لهم، مع اعترافه بمروقهم من الدين. قال في كتاب " الموافقات " ج 4 ص 178 وما بعدها مطبعة الرحمانية بمصر ما ملخصه:
" قال النبي: إن من ضئضئي هذا - يعني ذا الخويصرة - قوما يقرأون القرآن لا يتجاوز حناجرهم، يقتلون أهل الإسلام 7 ويدعون أهل الأوثان، يمرقون من الإسلام، كما يمرق السهم من الرمية. وقد بين النبي بهذا الحديث من مذهبهم في معاندة الشريعة أمرين:
أحدهما: اتباع القرآن على غير تدبر، ولا نظر في مقاصده ومعاقده.
ثانيهما: قتل أهل الإسلام، وترك أهل الأوثان.
وذكر الناس من آرائهم غير ذلك، كتكفيرهم لأكثر الصحابة وغيرهم، ومنه سرى قتلهم لأهل الإسلام، وأن الفاعل للفعل إذا لم يعلم بأنه حلال، أو حرام فليس بمؤمن. وأن الإمام إذا كفر كفرت رعيته كلهم شاهدهم وغائبهم، وأن التقية لا تجوز في قول ولا فعل على الإطلاق والعموم، والقاذف للرجال لا يحد. وأن الله سيبعث نبيا من العجم بكتاب ينزله الله عليه جملة واحدة، ويترك شريعة محمد. وإنكارهم سورة يوسف من القرآن، وأشباه ذلك، وكلها مخالفات شرعية.
ولكن الغالب في هذه الفرق أن يشار إلى أوصافهم ليحذر منها، ويبقى الأمر في تعيينهم مرجى. ولعل عدم تعيينهم هو الأولى الذي ينبغي أن يلتزم، ليكون سترا على الأمة. وقد أمرنا بالستر على المذنبين ".
وإذا أمرنا بالستر على من خرج من الإسلام، فهل يجب التقبيح والتشنيع على من هم من الإسلام في الصميم؟! وغريب أن يقول عالم كالشاطبي: إن النبي أخرج الخوارج من الإسلام، ثم يزعم أن أمرهم مرجى إلى الله، ويوصي بالستر عليهم، والسكوت عنهم. أليس معنى هذا قال النبي، وأقول؟!