عليها، وقالوا له: لم نجد في بيته شيئا، ووجدناه يقرأ القرآن مستقبلا القبلة.
وكان المتوكل حين دخل عليه الإمام في مجلس الشرب حاملا الكأس بيده، فلما رآه هابه وعظمه، وكان في المجلس علي بن الجهم، فسأله المتوكل: من اشعر الناس؟. فذكر ابن الجهم الشعراء في الجاهلية والإسلام. فسأل الإمام عن ذلك؟
فقال: اشعر الناس الحماني حيث يقول:
لقد فاخرتنا من قريش عصابة * بمط خدود وامتداد أصابع فلما تنازعنا المقال قضى لنا * عليهم بما نهوى نداء الصوامع ترانا سكوتا والشهيد بفضلنا * عليهم جهير الصوت في كل جامع فإن رسول الله أحمد جدنا * ونحن بنوه كالنجوم الطوالع فقال له المتوكل: وما نداء الصوامع يا أبا الحسن؟. قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
رجل يتشيع:
كان بأصفهان رجل يدعى عبد الرحمن، وكان له لسان وجرأة، وكان شيعيا. فقيل له: ما سبب تشيعك وقولك بإمامة الهادي؟
قال: أخرجني أهل أصفهان سنة من السنين، وذهبوا بي إلى باب المتوكل شاكين متظلمين، وفي ذات يوم، ونحن وقوف بباب المتوكل ننتظر الإذن بالدخول إذ خرج الأمر بإحضار علي الهادي فقلت لبعض من حضر: من هذا الرجل الذي أمر الخليفة بإحضاره؟.
قال: رجل علوي، تقول الرافضة بإمامته، ويريد المتوكل قتله.
فقلت في نفسي: لن أبرح، حتى أنظر إليه، ولم يمض أمد من الوقت حتى أقبل راكبا على فرس، وقد قام الناس يمنة الطريق، ويسرتها صفين ينظرون إليه، فلما رأيته وقع حبه في قلبي، ودعوت له في نفسي أن يدفع الله شر المتوكل.
وأقبل الإمام يسير بين الناس، لا ينظر يمنة ولا يسره، وأنا أكرر في نفسي الدعاء. فلما صار بإزائي أقبل بوجهه علي، وقال لي: قد استجاب الله دعاءك، وطول عمرك، وكثر مالك وولدك.
قال عبد الرحمن: فارتعدت من هيبته، ووقعت بين أصحابي، فسألوني: