من مرة، وسجنوا مرات، وتولوا كثيرا من المناصب الكبرى في داخل بغداد وخارجها، فحمدان نفسه كان أميرا في قلعة ماردين، وابنه الحسين تولى ديار ربيعة، ثم قم وقاشان، واحتل مصر بعد انتصاره على الطوليين، وأخوه العلاء تولى الموصل، ثم تولاها بعده أخوه أبو الهيجاء والد ناصر الدولة وسيف الدولة، وبقي واليا عليها إلى أن قتل سنة 317، وترك عليها ابنه ناصر الدولة.
وكانت الدولة العباسية في هذا الوقت تعاني النزع والانحلال بظهور سلطان المتغلبين في أطراف المملكة والثغور، فقامت في فارس دولة بني بويه، وفي مصر وسورية دولة الأخشيديين، وفي إفريقيا دولة الفاطميين، وفي إسبانيا دولة الأمويين، واستقل بنو سامان في خراسان، والقرامطة بالبحرين، وأعلن البريدي حكمه على البصرة وواسط، وزحف إلى بغداد، يحدث هذا كله، والحمدانيون ينتظرون الفرصة، ويعدون أنفسهم لما هو أهم من الولاية والإمارة، مع أن الحكم في الموصل لهم وحدهم، ولا شئ للخليفة سوى الاسم.
ولم تمض الأيام، حتى يهرب الخليفة المتقي من بغداد خوفا من البريديين، ويلتجئ إلى ناصر الدولة في الموصل، فألف ناصر الدولة جيشا كبيرا، وزحف به على بغداد، ومعه الخليفة وأخوه سيف الدولة، ولم يقترب الجيش من العاصمة، حتى نزح عنها البريدي إلى واسط، فتبعه سيف الدولة، وانتزعها منه، ولما استقرت الحال بالخليفة جعل ناصر الدولة أمير الأمراء، وأخذ ناصر في مزاولة سلطته الجديدة في بغداد، فبدأ بالعمارة، وحال دون عبث التجار والصيارفة، وضرب دنانير جديدة، وهدد بإنزال العقاب على كل من لم يقلع عن الربا والغش، إلا أن إمرة الأمراء لم تطل مدتها في الحمدانيين لاضطراب الأمور في بغداد، فترك ناصر الدولة هذه الإمرة، وعاد إلى الموصل ليبسط سلطانه عليها، وعلى الديار المجاورة، وعاد سيف الدولة، ليفتح حلب، ويوطد بها ملكه.
وظل ناصر الدولة يحكم الموصل بيد من حديد في حين يوطد أخوه سيف الدولة ملكه في حلب، ويغزو بلاد الروم إلى سنة 356، وهي السنة التي مات فيها سيف الدولة، فقبض أبو تغلب على أبيه الأمير، واعتقله (1) ودارت حروب