تراك مقطعا نصب عينيها، وليتك ترى أخاك الوحيد واقفا عليك وهو ينادي: الآن انكسر ظهري، الآن تبدد عسكري وقلت حيلتي، ثم بكى بكاء شديدا.
أحق الناس أن يبكى عليه * فتى أبكى الحسين بكربلاء أخوه وابن والده علي * أبو الفضل المضرج بالدماء ومن واساه لا يثنيه شئ * وجاد له عطش بماء ونقل ابن الأثير عن أسماء زوجة جعفر ذي الجناحين رضي الله عنها قالت:
أتاني النبي صلى الله عليه وآله وقد غسلت أولاد جعفر ودهنتهم، فأخذهم وشمهم ودمعت عيناه، فقلت: يا رسول الله أبلغك عن جعفر شئ؟
قال: نعم، أصيب هذا اليوم، ثم أمر أهله أن يصنعوا لآل جعفر طعاما فهو أول طعام عمل في الإسلام.
بأبي أنت وأمي يا نبي الرحمة، دمعت عيناك إذ رأيت يتامى ابن عمك جعفر، مع أنهم كانوا في هيئة حسنة، وزي بهيج، وأمرت لهم بطعام، مع أنهم لم يكونوا جياعا، رأفة منك ورحمة.
فكيف بك لو رأيت يتاماكم يوم عاشوراء جياعا عطاشى، حفاة عراة، مدهوشين والهين، مربقين بالحبال، يخافون أن يتخطفهم الناس من حولهم، هذا يضربهم، وهذا يسلبهم، وذاك يضرم النار في خيامهم، وآخر ينتزع الملاحف عن ظهورهم، وظهور أمهاتهم وعماتهم.
وليتك يا نبي الرحمة تراهم ليلة الحادي عشر من المحرم وقد أحاطت بهم الأعداء، وهم يرون ثمانية عشر من حماتهم، واثنين وسبعين من شيعتهم جثثا