فوجدتهم على الرمضاء، وقد أسري برؤوسهم إلى الكوفة، فنادت حينئذ عزيزتك بضعة الزهراء عقيلتكم زينب: وا محمداه، بناتك سبايا، وذريتك مقتلة، تسفى عليهم ريح الصبا، وهذا حسينك بالعرا، محزوز الرأس من القفا، مسلوب العمامة والردا.
وفي بعض المجموعات: أرادت أن ترمي بنفسها عليه، فناداها الإمام زين العابدين عليه السلام بصوت أضعفته العلة:
عمتاه، ارحمي ضعف بدني، ارحمي الجامعة في عنقي، ودعي أخاك وأنت على ظهر الناقة.
فجعلت تقول: ودعتك السميع العليم يا بن أمي، والله لو خيرت المقام عندك والرحيل لاخترت المقام عندك، ولو أن السباع أكلت لحمي.
واعتنقت سكينة جسد أبيها فاجتمعت عليها عدة من الأعراب حتى جروها عنه، فوا حر قلباه، كيف عانقته ونحره منحور، وصدره مكسور، ورأسه على القنا مشهور، ويا لهف نفسي كيف رأته عاري الثياب، معفرا بالتراب، أم كيف فارقته مطروحا بالعراء، لوحوش الأرض وطير السماء، لا مغسلا ولا مكفنا ولا مدفونا.
بلى يا رسول الله، كان دمه غسله، والتراب كافوره، والقنا الخطي نعشه، وفي قلب من والاه قبره.
لهفي له وحريمه من * حول مصرعه نوادب يندبنه بمدامع من حر * أجفان سواكب أحسين بعدك لا هنا * عيش ولا لذت مشارب والجسم منك مجدل * في الترب منعفر الترائب ها نحن بعدك يا * غريب الدار أمسينا غرائب