مكة ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان دخلها وهو يقرأ: ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل (1).
فأقام فيها باقي شعبان وشهر رمضان وشوال وذي القعدة وثمان ليال من ذي الحجة، ثم لم يأمن على نفسه، ولم يتمكن من تمام حجه مخافة أن يقبض عليه بمكة فينفذ به إلى يزيد بن معاوية فأحل من إحرامه وجعلها عمرة مفردة وخرج من مكة وهي حرم الله الذي يأمن فيه الوحش والطير، كما خرج من المدينة وهي حرم جده رسول الله خائفا يترقب...
فوا لهفتاه ووا جزعاه عليك يا وديعة المصطفى، وريحانته من الدنيا.
و وا حر قلباه لك يا خامس أصحاب الكساء، وقرة عين سيدة النساء.
يا بن مكة ومنى، وابن زمزم والصفا، خفت على نفسك في الحرم، وأنت أمن الخائفين، وفررت منهم لما خفتهم بأطفالك وعيالك، وأنت ملجأ الهاربين.
فيا لله من هذه الفادحة التي أثكلت جبرائيل، و وا مصيبتاه من هذه النازلة إذ عظمت على الرب الجليل.
مثل ابن فاطمة يبيت مشردا ويزيد في لذاته متنعم ويضيق الدنيا على ابن محمد حتى تقاذفه الفضاء الأعظم خرج الحسين من المدينة خائفا كخروج موسى خائفا يتكتم وقد انجلى عن مكة وهو ابنها وبه تشرفت الحطيم وزمزم لم يدر أين يريح بدون ركابه فكأنما المأوى عليه محرم فمشت تؤم به العراق نجائب مثل النعم به تخب وترسم