سفينة النجاة - السرابي التنكابني - الصفحة ٩١
يمكن إنكاره، ولم يذكروا عدم صدوره عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعنوان التجويز والاحتمال، إلا بعض المنكرين الذين لا يبالون بما قالوا، مثل شارح التجريد فإنه منع التواتر، لكن لم يقدر على منع الصحة لغاية الفصاحة.
روى ابن الأثير في جامع الأصول، من صحيح البخاري ومسلم والترمذي، عن سعد بن أبي وقاص، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خلف علي بن أبي طالب (عليه السلام) في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.
وعن الترمذي أنه قال لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى.
وفي رواية عن جابر أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.
ومن صحيح مسلم والترمذي، عن سعد بن أبي وقاص، أن معاوية أمر سعدا، فقال له: ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟ فقال: أما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلن أسبه، لأن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول له وقد خلفه في بعض مغازيه، فقال علي: يا رسول الله خلفتني مع النساء الخبر مثل ما تقدم لسعد، لكن هاهنا: إلا أنه لا نبوة بعدي الخبر (1).

(١) جامع الأصول ٩: ٤٦٨ - ٤٦٩.
اعلم أن الروايات تدل على تكرر إخبار رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذه المنزلة الجليلة، منها: ما رواه الفاضل النبيل يحيى بن الحسن بن البطريق (رحمه الله) في العمدة، من مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) تصنيف الفقيه أبي الحسن علي بن محمد الخطيب الشافعي المعروف بابن المغازلي، بإسناده عن أنس، قال: لما كان يوم المباهلة وآخى النبي (صلى الله عليه وآله) بين المهاجرين والأنصار، وعلي واقف يراه ويعرف مكانه، ولم يواخ بينه وبين أحد، إلى أن قال: فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ما يبكيك يا أبا الحسن؟ قال: واخيت بين المهاجرين والأنصار يا رسول الله وأنا واقف تراني وتعرف مكاني لم تواخ بيني وبين أحد، قال: ادخرتك لنفسي، أما يسرك أن تكون أخا نبيك؟ قال: بلى يا رسول الله أنى لي بذلك، فأخذ بيده وأرقاه المنبر، فقال:
اللهم إن هذا مني وأنا منه إلا أنه بمنزلة هارون من موسى.
ومنها: ما رواه من مناقب ابن المغازلي بإسناده، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، في سد الأبواب غير باب علي (عليه السلام) إلى أن قال، ونفس ذلك رجال على علي، فوجدوا في أنفسهم، فتبين فضله عليهم وعلى غيرهم من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فقام خطيبا، فقال: إن رجالا يجدون في أنفسهم في أن أسكن عليا في المسجد، والله ما أخرجتهم ولا أسكنته، إن الله عز وجل أوحى إلى موسى وأخيه * (أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة) * وأمر موسى أن لا يسكن مسجده ولا ينكح فيه ولا يدخله إلا هارون وذريته، وإن عليا بمنزلة هارون من موسى وهو أخي دون أهلي، ولا يحل مسجدي لأحد ينكح فيه النساء إلا علي وذريته، فمن أساء فهاهنا، وأومأ بيده نحو الشام انتهى.
أيها اللبيب الطالب للنجاة انظر بعين البصيرة والرشاد إلى أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما رأى حسد رجال على أمير المؤمنين (عليه السلام) دعاه تحد به على الحاسد والمحسود إلى بيان سبب الاختصاص، حتى يتركوا الحسد الذي يضر الحاسد آجلا، ولا يدعوهم إلى إيذاء المحسود عاجلا، فكيف لم يبين (صلى الله عليه وآله) أمر الخلافة وأبهمها، ولم يبعث تعطفه على أهل بيته والأمة إلى أن يبين أمر الخلافة الذي في إهماله المفاسد الواضحة التي لا نسبة لها إلى ما تعرض لدفعه.
وانظر إلى أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان حسد الناس على أمير المؤمنين (عليه السلام) ثقيلا عليه، فكيف كان حال من أراد إحراق بيت كان هو مع فاطمة والحسنين (عليهم السلام) فيه وفعل بهم ما ستسمعه، فأي متانة ووثاقة للإمامة التي لا تختل ولا تنهدم بأمور يمكن أن يهدم أحدها تلألأ ساطعة وجبالا شاهقة " منه ".
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 3
2 موضوع الكتاب 4
3 الإمامة في نظر الشيعة، الإمامة في نظر السنة 5
4 هذه حجتنا 6
5 وتلك حجتهم، دعوة مخلصة 13
6 حول الكتاب 14
7 ترجمة المؤلف، اسمه ونسبه، الاطراء عليه 17
8 كراماته 18
9 تآليفه القيمة 20
10 مشايخه ومن روى عنهم، تلامذته ومن يروي عنه 22
11 ولادته ووفاته 23
12 في طريق التحقيق 24
13 مقدمة المؤلف 27
14 اثبات الصانع 28
15 علمه وقدرته وعدله وتوحيده تعالى 33
16 علمه تعالى عين ذاته 35
17 وجوده تعالى عين قدرته 36
18 الموجود مشترك معنوي بين الواجب والممكن 38
19 مختصر في نبوة نبينا (صلى الله عليه وآله) 43
20 مباحث الإمامة 45
21 الإمامة من أصول العقائد 53
22 فيما استدل به على حجية الاجماع 58
23 في قول المبتدع بما لا يتضمن كفرا 60
24 فيما إذا قال واحد أو جماعة بقول وسكت الباقون 61
25 تحقيق الاتفاق في الأمر الذي يتعلق به غرض القادر على البطش 63
26 بعض ما جرى في سقيفة بني ساعدة 63
27 ما يتعلق بامامة أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب (عليه السلام) 70
28 آية المودة 70
29 حديث الغدير 76
30 آية الإكمال 83
31 حديث المنزلة 90
32 حديث وهو ولي كل مؤمن بعدي 97
33 حديث الثقلين 99
34 حديث السفينة 107
35 فيما يتعلق بامامة أبي بكر 109
36 الدليل الثاني من دليلي الطائفة الأولى على امامة أبي بكر 133
37 فيما يتعلق بامامة عمر 153
38 فيما يتعلق بامامة عثمان بن عفان 156
39 في مطاعن الثلاثة 161
40 خطبة الزهراء (عليها السلام) 171
41 بيعة أبي بكر كانت فلتة 185
42 كشف بيت فاطمة (عليها السلام) 191
43 التخلف عن جيش أسامة 196
44 حديث الإقالة 202
45 عدم العدالة في تقسيم الخمس 203
46 عدم العلم بمعنى الكلالة 204
47 نسبة الهجر إلى النبي (صلى الله عليه وآله) 205
48 منع المتعتين 209
49 انكار موت الرسول (صلى الله عليه وآله) 215
50 الأمر برجم الحاملة 219
51 الأمر برجم المجنونة 221
52 المنع من المغالاة في المهر 223
53 شناعة وقباحة 226
54 ضربه رسول رسول الله (صلى الله عليه وآله) 228
55 عدم العلم بخلافته 233
56 الاعتراض على رسول الله (صلى الله عليه وآله) 235
57 رأيه في الطلاق 237
58 شناعة آرائه وعقائده 237
59 ابداع التراويح 240
60 ضربه عمار ونفيه أبا ذر 244
61 ضرب ابن مسعود واحراق مصحفه 257
62 جهله بأحكام الشريعة 267
63 رده الحكم بن أبي العاص 269
64 تحقيق حول حديث العشرة المبشرة 271
65 تحقيق الروايات الواردة في مدح الخلفاء 276
66 شكاية علي (عليه السلام) ممن تقدمه 306
67 وصية العباس 320
68 كتاب علي (عليه السلام) إلى معاوية 326
69 كلامه (عليه السلام) في نهج البلاغة 330
70 ما ورد في حب علي (عليه السلام) وبغضه 331
71 الحق مع علي (عليه السلام) 341
72 فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) 353
73 حديث المناشدة 361
74 كلام شارح التجريد 366
75 مبيته (عليه السلام) في فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله) 377
76 اثبات امامة باقي الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) 382
77 في مجمل من المعاد الجسماني 393