والقرب إلى الله تعالى مع كونهم في تلك الحال، نعم يمكن كمال ناقص عن مرتبته بحيث يصير أكمل من هارون، فيكون منزلته حينئذ أقرب من منزلة هارون، أو وجود كامل يكون أكمل من هارون لم يكن موجودا، وظاهر أن المنزلة المثبتة لأمير المؤمنين (عليه السلام) عند الخروج إلى تبوك هي المنزلة الثابتة لهارون التي هي أكمل من جميع منازل الأمة من موسى.
فالمنزلة المثبتة لأمير المؤمنين (عليه السلام) كانت فائقة على منازل كل الأمة، ولم يكن لأبي بكر وغيره منزلة أمير المؤمنين (عليه السلام) بمقتضى هذا الخبر، ولم يكن لأبي بكر بعد الخروج إلى تبوك تقوية في الدين زائدا على ما كان من أمير المؤمنين (عليه السلام) بحسب الحرب والجهاد وهداية الأمة والرشاد، ولا التعلم من أبواب علوم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فبأي شئ حصل له استحقاق الأمر بعد عدمه بالخبر؟ أبترقيات واضحات حصلت له أم بتنزلات فاضحات ظهرت من أمير المؤمنين (عليه السلام)؟ حاشاه عنها.
فلو كان استحقاقه بأحدهما، فلم لم يذكروه في السقيفة؟ ولم لم يذكر أحد ممن قال بإمامته في أزمان متمادية من ذلك اليوم إلى يومنا بدليل شاف وطريق واف يدل على حصول أحدهما حتى يطمئن السامع بقوله (1)؟ والقائلون بها بقولهم بدليل واف يصح التمسك به؟ ولم تمسكوا بلفظ الاجماع الذي خال عن المعنى؟ كما سيظهر لك.
وما ذكرته هاهنا مبني على حمل " بعدي " على بعد نبوتي كما هو الظاهر، وأما على تقدير إرادة بعد وفاتي، فلا يحتاج إلى البيان.
وأيضا هذه المنزلة من الأمور التي لا يمكن الاطلاع عليها إلا بالتوقيف والمعجزة على وفق الدعوى، ولا يقول بأحدهما في شأن أبي بكر أحد من أهل العلم، وبطلان كلام البكرية ظاهر لمن تدبر أمر السقيفة كما سيظهر، وأي توجيه لترك مقتضى هذه