حملهم الخبر على التفضيل، أو ما جرى مجراه من صنوف (1) تأويل مخالفي الشيعة.
وإنما آنس بعض الجهلة بهذه الدعوى على الخوارج ما ظهر عنهم فيما بعد من القول الخبيث في أمير المؤمنين (عليه السلام) فظن أن خلافهم له ورجوعهم عن ولايته يقتضي أن يكونوا جحدوا فضائله ومناقبه، وقد أبعد هذا المدعي غاية البعد، لأن انحراف الخوارج إنما كان بعد التحكيم للسبب المعروف، وإلا فاعتقادهم لإمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) وفضله وتقدمه قد كان أمرا ظاهرا، وهم على كل حال بعض أنصاره وممن جاهد معه الأعداء، وكانوا في عداد الأولياء إلى أن كان من أمرهم ما كان (2) انتهى.
اعلم أنه لا حاجة لنا في إثبات قطعية الخبر إلى إثبات الاجماع، لأن العلم بالخبر قد يحصل بالتواتر، وقد يحصل بالقرائن، وإن لم يكن متواترا، وقد لا يحصل لآخر للاعتقاد بما ينافيه لشبهة، أو لعدم تخلية النفس، فكما أن الاعتقاد بما ينافي الأوليات لشبهة مع جلائها وغنائها عن جميع ما هو خارج عنها مانع عن الاذعان بها، فكذا غيرها.
ولا يخفى على أحد ممن خلى نفسه عن الأغراض، وفرض عرض عقائده وأعماله على الميزان، قطعية الخبر بملاحظة الدليلين المنقولين، لصحة الخبر من السيد (رحمه الله) بل بأحدهما، وإن فرض إصرار الخوارج والجاحظ وابن أبي داود في إنكار الخبر من غير حاجة إلى ملاحظة زمان سابق ولاحق عن زمانهم.
اعلم أن صاحب المغني سئل بما حاصله: أن مقدمة الرواية لما دلت على وجوب الإطاعة والانقياد، فكذا الجملة التابعة لها. وأجاب بما حاصله: تجويز إرادة الاشفاق والرحمة وحسن النظر وغيرها مما لا حاجة لنا إلى نقله، إلى أن قال: على