في شأنه (صلى الله عليه وآله) بعضه مطلقا، وبعضه بقرينة السياق والمقدمة، فيدل الخبر على كون أمير المؤمنين (عليه السلام) أولى بالأمة، كما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أولى بهم، وأولوية غير النبي هي الإمامة.
واعلم أن الرواية مع ظهورها فيما ذكرته لها مؤيدات:
منها: أن في جمع الرحال وصعوده (صلى الله عليه وآله) عليها ليري الحاضرون رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) حين بيانه (صلى الله عليه وآله) مرتبة أمير المؤمنين (عليه السلام) ويسمعوا كلامه، دلالة على عظم الأمر الذي دعاه إلى ما فعل، وهذا العظم لا يليق بغير الخلافة مما ذكره بعض المنكرين.
ومنها: قوله تعالى * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) * (1) ووجه التأييد: أن الآية تدل على غاية المبالغة في تبليغ الأمر، واستئناس رسول الله (صلى الله عليه وآله) الامتناع التام عن هذا الأمر، بحيث خاف (صلى الله عليه وآله) أن يترتب على تعجيل التبليغ ما ربما يدفعه التأخير.
واحتمال كون نزول الآية لمطلق التبليغ واشتماله على الخوف لكثرة الكفار وقلة المعاون تدفعه مدنية الآية، فيدل سياق الآية على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمر بتبليغ شئ كان كثير من الناس في غاية النفرة والإباء، وهذا الأمر لم يكن الصلاة والزكاة والجهاد في سبيل الله، وترك المنهيات المشهورة، لأن أشد الأمور المحتملة غير الإمامة هو الجهاد، ولم يكن لغير المنافقين الظاهرين إباء منه، والمنافقون أيضا لم يكونوا متنفرين عن الجهاد مطلقا، بل كان بعضهم يتخلفون باظهار بعض الأعذار الكاذبة، وبعضهم يحضرون ولكن يجتنبون عن المخاوف ويوطنون أنفسهم على الهرب عند الخوف. وأما النفرة عن الجهاد بحيث يناسب الخوف في إظهاره فلا، فهذا