حكاية الشورى، فمن باب الاكتفاء بذكر ما هو المشهور عن الباقي، كاكتفائه (عليه السلام) في الشورى في حكاية الطائر بقوله " أفيكم رجل قال له النبي (صلى الله عليه وآله) اللهم أبعث إلي بأحب خلقك يأكل معي غيري؟ " وكذلك ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في شأنه في خيبر (1).
أقول: مع علمنا بمقدمة الخبر إذا شرعنا في الاستدلال بالخبر، نستدل به على فرض عدم المقدمة أيضا.
قال السيد طاب ثراه: فإن قال: أليس قد حكي عن ابن أبي داود السجستاني دفع الخبر، وحكي عن الخوارج مثله، وطعن الجاحظ في كتابه العثمانية فيه.
قيل له: أول ما نقوله أنه لا معتبر في باب الاجماع بشذوذ كل شاذ عنه، بل الواجب أن يعلم أن الذي خرج عنه ممن يعتبر قوله في الاجماع، ثم يعلم أن الاجماع لم يتقدم خلافه، فإن ابن أبي داود والجاحظ لو صرحا بالخلاف لسقط خلافهما بما ذكرناه من الاجماع، خصوصا بالذي لا شبهة فيه من تقدم الاجماع وفقد الخلاف، وقد سبقهما ثم تأخر عنهما.
على أنه قد قيل: إن ابن أبي داود لم ينكر الخبر، وإنما أنكر كون المسجد الذي بغدير خم متقدما، وقد حكي عنه التنصل من القدح في الخبر والتبري مما قذفه به محمد بن جرير الطبري. وأما الجاحظ، فلم يتجاسر أيضا على التصريح بدفع الخبر، وإنما طعن في بعض رواته وادعى اختلاف ما نقل من لفظه، ولو صرح الجاحظ والسجستاني وأمثالهما بالخلاف لم يكن قادحا لما قدمناه.
فأما الخوارج، فما يقدر أحد على أن يحكي عنهم دفعا لهذا الخبر، أو امتناعا من قبوله، وهذه كتبهم ومقالاتهم موجودة وهي خالية مما ادعي، والظاهر من أمرهم