ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * (1) وجه الدلالة: أن الآية باتفاق المفسرين نزلت في شأن علي (عليه السلام) بعد ما أعطى السائل خاتمه راكعا، وحصر الولاية في الله ورسوله والذين آمنوا قرينة على كون الولاية بمعنى الأولى والأحق، لأن حصر الولي بمعنى الناصر والمحب المطلق مع دلالة آية * (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) * (2).
لا يقال: هذا المعنى لا يناسب الآية السابقة، وهي قوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم) * واللاحقة وهي قوله تعالى * (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) *.
لأنا نقول: في عدم المناسبة نظر، أما اللاحقة فلأن معنى " ومن يتول الله " حين إرادة الأولى من الآية التي نحن فيها، ومن اتخذ الله ورسوله والذين آمنوا أولى به فهو من حزب الله، وحزب الله هم الغالبون بالمعنى الذي نذكره، لأن أي معنى يقصد من الولي يجب أن يقصد من التولي معنى يناسبه، فكما يحمل التولي في " ومن يتولهم منكم " على معنى يناسب الأولياء في الآية الأولى، فكذلك التولي في الآية التي نحن فيها يحمل على معنى يناسب الولي في هذه الآية، فبظهور معنى الولي يظهر معنى التولي.
وأما السابقة، فلعدم بعد أن يقال: إنه تعالى لما نهى عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء بمعنى المحبة أو النصرة أو الأعم، مقرونا بالمبالغة المدلول عليها بالنداء، وبقوله " ومن يتولهم منكم فإنه منهم " أكد النهي المذكور زائدا عما ظهر بأن الأولى منحصر في الأولياء المذكورين، لظهور البينونة التامة بين رعاية مقتضى أولوية هؤلاء