حتى أصبح وهو وقيذ من رمي الحجارة، ولو لم يخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة، وأقام بينهم بمكة، ولم يقتلوه تلك الليلة، لقتلوه في الليلة التي تليها، وإن شبت الحرب بينهم وبين عبد مناف، فإن أبا جهل لم يكن بالذي ليمسك عن قتله، وكان فاقد البصيرة، شديد العزم على الولوغ في دمه.
قلت للنقيب: أفعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) بما كان من نهي عتبة لهم؟ قال:
لا، أنهما لم يعلما ذلك تلك الليلة، وإنما عرفاه من بعد، ولقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم بدر لما رأى عتبة وما كان منه: إن يكن في القوم خير ففي صاحب الجمل الأحمر، ولو قدرنا أن عليا (عليه السلام) علم ما قال لهم عتبة لم يسقط ذلك فضيلته في المبيت، لأنه لم يكن على ثقة من أنهم يقبلون قول عتبة، بل كان ظن الهلاك، والقتل أغلب.
وأما حال علي (عليه السلام) فلما أدى الودائع، خرج بعد ثلاث من هجرة النبي (صلى الله عليه وآله) فجاء إلى المدينة راجلا قد تورمت قدماه، فصادف رسول الله (صلى الله عليه وآله) نازلا بقباء على كلثوم بن الهدم، فنزل معه في منزله، وكان أبو بكر نازلا بقباء أيضا في منزل حبيب بن يساف، ثم خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهما معه من قباء حتى نزل بالمدينة على أبي أيوب خالد بن يزيد الأنصاري وابتنى المسجد (1).