" وكان أزهد الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) " لما تواتر من إعراضه عن لذات الدنيا مع اقتداره عليها، لاتساع أبواب الدنيا عليه، ولهذا قال: يا دنيا إليك عني، أبي تعرضت أم إلي تشوقت، لا حان حينك، هيهات غري غيري، لا حاجة لي فيك، قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها، فعيشك قصير، وخطرك يسير، وأملك حقير.
وقال: والله لدنياكم هذه أهون في عيني من عراق خنزير في يد مجذوم.
وكان أخشن الناس مأكلا وملبسا، ولم يشبع من طعام قط، وقال ما يناسب المتن.
" وأعبدهم " وذكر غاية خضوعه في العبادة " وأحلمهم " وذكر ما يناسب المقام " وأشرفهم خلقا، وأطلقهم وجها " وذكر ما يناسبه.
" وأقدمهم إيمانا " يدل على ذلك ما روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: بعثت يوم الاثنين وأسلم علي يوم الثلاثاء، ولا أقرب من هذه المدة، وقوله (صلى الله عليه وآله) " أولكم إسلاما علي بن أبي طالب " وما روي عن علي (عليه السلام) أنه كان يقول: أنا أول من صلى وأول من آمن بالله ورسوله، ولا سبقني إلى الصلاة إلا نبي الله. وكان قوله مشهورا بين الصحابة، ولم ينكر عليه منكر، فدل على صدقه، وإذا ثبت أنه أقدم إيمانا من الصحابة كان أفضل منهم، لقوله تعالى * (والسابقون السابقون * أولئك المقربون) * وروي أنه قال علي (عليه السلام) على المنبر بمشهد من الصحابة: أنا الصديق الأكبر، آمنت قبل إيمان أبي بكر، وأسلمت قبل أن يسلم، ولم ينكر عليه منكر، فيكون أفضل من أبي بكر.
" وأفصحهم لسانا " على ما شهد به كتاب نهج البلاغة، وقال البلغاء: إن كلامه دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق.
" وأسدهم رأيا، وأكثرهم حرصا على إقامة حدود الله تعالى " ولم يساهل أصلا في ذلك، ولم يلتفت إلى القرابة والمحبة.