بعد قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) " آذيتني يا عمر " دلالة على قساوة قلبه وقلة خوفه أو عدمه، ومع ذلك أين الوفاء بالوعد؟ أتزعم أن ما صدر من عمر بالنسبة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) في زمان رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي كان إيذاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان جزء من ألف جزء مما صدر عنه وعن أخيه وابنة أخيه بالنسبة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد انتقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى روضة القدس.
أيها المساكين تنقلون هذه الأخبار عن مشايخكم، وتحكمون بصحة كثير منها، مع كونها محفوفة بقرائن دالة على صدقها، وكونها متواترة بالمعنى، وتغمضون عن مفادها لبعض الدواعي عند الخطاب، فما أهبتكم عند معاينة قبح الأعمال والحاجة إلى الجواب.
وفي السادسة عشر قوله (صلى الله عليه وآله) " أنا حرب لمن حاربتم " في مقابل قوله " سلم لمن سالمتم " دال على كون الأولين في حكم محارب رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فإن قلت: قوله (عليه السلام) " لا يحبني إلا مؤمن " وما يفيد مفاده، دال على كون محب أمير المؤمنين (عليه السلام) مؤمنا، وظاهر أن بعض من قال بإمامة من تقدم على أمير المؤمنين (عليه السلام) يحبه (عليه السلام) ومحبته دالة على إيمان ذلك البعض، وهذا مناف لما يقوله الشيعة.
قلت: مقصودنا هاهنا دلالة الأخبار على بطلان إمامة الثلاثة، وكون الإمام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين (عليه السلام)، وثبت المطلبان بما ذكرته. وأما بطلان كون من يحبه (عليه السلام) ممن قال بإمامة الثلاثة مؤمنا، ظهر بما ذكرته في أوائل الكتاب، من كون الإمامة من الأصول.
وحينئذ نقول في هذه الأخبار: لا نسلم كون من قال بإمامة من تقدم على أمير المؤمنين (عليه السلام) محبا له محبة أريدت من الأخبار، ولعل المراد من المحبة المذكورة فيها حالة تبعث صاحبها إلى القول والاذعان بكونه (عليه السلام) في مرتبة جعلها الله تعالى،