على علمها بظلم أبي بكر، كذلك عدم المعذرة يدل دلالة قطعية عليه، والغضب إنما نشأ من الظلم، فلا وجه لتوهم زوال الغضب من اختلاف الحديث.
قال ابن أبي الحديد بعد نقل خطبة فاطمة (عليها السلام) وكلام السيد الذي نقلته قلت:
ليس في هذا الخبر ما يدل على فساد ما ادعاه قاضي القضاة، لأنه ادعى أنها نازعت وخاصمت ثم كفت، لما سمعت الرواية وانصرفت تاركة للنزاع راضية بموجب الخبر المروي، وما ذكره المرتضى من هذا الكلام لا يدل إلا على سخطها حال حضورها، ولا يدل على أنها بعد رواية الخبر وبعد أن أقسم لها أبا بكر بالله تعالى أنه ما روى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا ما سمعته منه انصرفت ساخطة، ولا في الحديث المذكور والكلام المروي ما يدل على ذلك.
ولست أعتقد أنها انصرفت راضية، كما قال قاضي القضاة، بل أعلم أنها انصرفت ساخطة، وماتت وهي على أبي بكر واجدة، ولكن لا من هذا الخبر، بل لأخبار أخر كان الأولى بالمرتضى أن يحتج بها، على ما يرويه من انصرافها ساخطة وموتها على ذلك السخط، وأما هذا الخبر وهذا الكلام فلا يدل على هذا المطلوب (1) انتهى.
وبما أشرت إليه لا نحتاج إلى بيان ضعف هذا الكلام، ولعله غفل عن قول السيد " ونحن نذكر ما يستدل على صحة قولنا " وفي الخطبة إشارة إلى كثير من قبائح أبي بكر، لكن ما ذكرته كاف للمستبصر.
وننقل ما نقله السيد في الشافي عن الجاحظ لتزيد لك البصيرة، قال (رحمه الله) بعد نقل استدلالهم على صدق الخبر بترك النكير: وقد أجاب أبو عثمان الجاحظ في كتاب العباسية عن هذا السؤال جوابا جيد المعنى واللفظ، نحن نذكره على وجهه لنقابل