وبالجملة وجوب إطاعة رجل في أمر الدين والدنيا بمحض تعيين رجل لا معرفة له بالاستحقاق الواقعي، ولا علم لنا بأن غرضه من التعيين بعض الأهواء والأغراض الباطلة أو اعتقاد استحقاق، لا وجه له، فلعل تعيين أبي بكر لعمر لما عاهده به، ورأى اهتمام عمر في تشييد أمره رجاء لولاية العهد، فأراد تدارك ما صنع في حقه والوفاء بعهده، ورعاية أمثال تلك الأمور، وترك رعاية الأمور الشرعية غير بعيد من أرباب الأهواء، ومن استقرأ أحوال الناس يعلم عدم استبعاد ما ذكرته، فإن بقي لك ريب في كونه منه فانتظر المطاعن.
وهل يجوز عاقل أن من كان كثير من أهل عصره أعلم منه عند كونه صحيحا، وكان عند كونه في كمال الصحة جاهلا بالأمور الواضحة، أن يصير أحد بمحض تعيينه إياه للإمامة وقت ضعف القوى والفتور في المدارك إماما وحجة على أهل الدنيا، وهذا من الأباطيل الواضحة التي ترتبت على طريقتهم في الإمامة من عدم اعتبار النص من المعصوم والعصمة.
وأيد ما ذكر من الدليل على إمامته بما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. ومع ظهور بطلانه بما ذكرته في آخر الفصل السابق، قدحوا في سنده بأنه رواية عبد الملك بن عمير، وهو ممن شيع بني أمية، وممن تولى القضاء لهم، وكان شديد النصب والانحراف عن أهل البيت، ظنينا في نفسه وأمانته، وروي أنه كان يمر على أصحاب الحسين (عليه السلام) وهم جرحى فيجهز عليهم، فلما عوتب في ذلك قال: إنما أردت أن أريحهم.
وذكر السيد مع ضعف السند بعض التأويلات (1) ورواية النصب الدالة على تخصيصهما بالأمر بإطاعة الثقلين بعد العموم الذي ظهر من قوله " اقتدوا " وعدم