فمن أين أنهم كذلك في الطبقات السابقة على طبقتكم، فإنكم تعلمون أن الخبر لا يفيد العلم إلا إذا تساوت الطبقات في الشرط المعتبر في إفادة اليقين، وهو استحالة الاتفاق على الاختلاف فبينوا ذلك لنتكلم عليه.
لأنا نجيب من وجهين:
الأول: أن المنصف إذا نظر في تواريخ الأزمنة، علم أن الإمامية التي تدعي النص، في كل زمان بالغون إلى حد التواتر (77)، بل أعظم، وأنهم يستدلون بذلك مع تباين أماكنهم وتباعد بلادهم، وهذا معلوم لا يدفعه إلا مكابر.
والوجه الثاني أن نقول: إن الجماعة الموجودين من الإمامية أخبروا أنهم شاهدوا مثلهم في الكثرة يخبرون بمثل ما أخبر هؤلاء، وكذا كل طبقة منهم كما نقلوا الخبر، أخبروا بكثرة الناقلين، فيكون ذلك كافيا في إفادة اليقين.
لا يقال: اليهود والنصارى يخبرون عن نبيهم أنه نص أن شريعته لا تنسخ نصا صريحا، ويدعون ما تدعونه من التواتر، فلو كان ما ذكرتموه حجة لكان حجة للآخرين.
لأنا نقول: نحن لا نسلم أنهم يدعون بأجمعهم ذلك، فإنا رأينا جماعة من اليهود والنصارى لا ينكرون النسخ، ويجوزونه عقلا، ويقولون: الشرع لم يمنع منه، لكن ينكرون ثبوت نبوة من جاء بعد نبيهم، ويزعمون أنه لم يقم له علم من المعجز دال على نبوته، والذي يدعي النص على المنع من النسخ