كان العقل كاف، وإن جاء بما ينافي العقل لم يجز الانقياد إليه، كما لو جاء بإباحة الظلم والكذب.
ولقائل أن يقول: لم لا يجوز أن يأتي بتفصيل ما يدل عليه العقل جملة لا تفصيلا، فإن العقل يشهد بأن ما كان لطفا في واجب فهو واجب. ثم لا نهتدي إلى كون الصلاة مثلا أو الصوم مشتملا على ذلك اللطف، فيكون الشرع دالا على هذا القدر وأشباهه مما لا يدل العقل عليه بعينه، فظهر أن القسمين اللذين أشاروا إليهما غير حاصرين.
وإذا عرفت ذلك فوجه حسن البعثة كون الرسول مرشدا للعباد إلى مصالحهم الدينية، وربما كان مرشدا إلى أمور دنيوية أيضا. (2) [البحث] الثاني في صفات النبي: والضابط عصمته عن ما يقدح في التبليغ، أو ينفر عن القبول، فاتفقوا على اشتراط كمال العقل، وجودة الرأي، وإن وجد ذلك في الطفل كما في حق عيسى - عليه السلام -، وعلى اشتراط سلامته من العيوب الواضحة كالأبنة، وانطلاق الريح، واختلفوا في الجذام والبرص. وأجازوا اتصافه بالعمى والصمم.
وأما العصمة عن المعاصي فقد اختلفوا، فمنهم من عصمه عن الخلل