المسلك في أصول الدين - المحقق الحلي - الصفحة ١٥٤
كان العقل كاف، وإن جاء بما ينافي العقل لم يجز الانقياد إليه، كما لو جاء بإباحة الظلم والكذب.
ولقائل أن يقول: لم لا يجوز أن يأتي بتفصيل ما يدل عليه العقل جملة لا تفصيلا، فإن العقل يشهد بأن ما كان لطفا في واجب فهو واجب. ثم لا نهتدي إلى كون الصلاة مثلا أو الصوم مشتملا على ذلك اللطف، فيكون الشرع دالا على هذا القدر وأشباهه مما لا يدل العقل عليه بعينه، فظهر أن القسمين اللذين أشاروا إليهما غير حاصرين.
وإذا عرفت ذلك فوجه حسن البعثة كون الرسول مرشدا للعباد إلى مصالحهم الدينية، وربما كان مرشدا إلى أمور دنيوية أيضا. (2) [البحث] الثاني في صفات النبي: والضابط عصمته عن ما يقدح في التبليغ، أو ينفر عن القبول، فاتفقوا على اشتراط كمال العقل، وجودة الرأي، وإن وجد ذلك في الطفل كما في حق عيسى - عليه السلام -، وعلى اشتراط سلامته من العيوب الواضحة كالأبنة، وانطلاق الريح، واختلفوا في الجذام والبرص. وأجازوا اتصافه بالعمى والصمم.
وأما العصمة عن المعاصي فقد اختلفوا، فمنهم من عصمه عن الخلل

(2) في التجريد للمحقق الطوسي: البعثة حسنة لاشتمالها على فوائد كمعاضدة العقل في ما يدل عليه، واستفادة الحكم في ما لا يدل، وإزالة الخوف، واستفادة الحسن، والقبح والمنافع، والمضار، وحفظ النوع الإنساني، وتكميل أشخاصه بحسب استعداداتهم المختلفة، وتعليمهم الصنائع الخفية، والأخلاق والسياسات والإخبار بالعقاب والثواب، فيحصل اللطف للمكلف.
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 151 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست