المقصد الثاني في ما يسقط المستحق من العقاب: وهو ثلاثة أشياء:
العفو ابتداء، والتوبة، والشفاعة.
والعفو عن العقاب جائز عقلا وشرعا، أما عقلا فلأنه حق الله، وليس في إسقاطه وجه قبح، فيجب أن يحسن، كإسقاط الدين. وأما شرعا فبقوله:
(ويعفوا عن كثير) (151) وبقوله: (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (152) وبقوله: (إن الله يغفر الذنوب جميعا) (153).
فإن قيل: لا نسلم أنه ليس فيه وجه قبح، وبيانه: أن العقاب لطف المكلف، وتفويت اللطف وجه قبح، ثم هو منقوض بإسقاط الثواب وإسقاط الذم، فإنهما لا يسقطان ولو أسقطهما المستحق لهما.
والجواب: أن نقول: قد بينا أنه يكفي في اللطف تجويز إنزال العقاب، فإن كل مكلف يجوز أن لا يعفى عنه، فيكون ذلك زاجرا له عن مواقعة