الفصل الثاني في عقاب الفاسق وما يطلق عليه من الأسماء:
وفيه مقامان: الأول: النظر في عقابه هل هو دائم أو منقطع؟ والثاني:
هل يقع العفو عنه أم لا؟
أما المقام الأول: فقد اختلف الناس فيه على قولين:
منهم من زعم أنه دائم واحتج لذلك بوجهين:
أحدهما: لو خرج من النار لكان إما أن يدخل الجنة أو لا يدخلها، والقسمان باطلان، أما الملازمة فظاهرة، وأما بطلان القسمين، أما الثاني فبالإجماع. وأما الأول فلأنه لو دخلها لدخلها إما تفضلا وهو باطل بالإجماع، أو بالاستحقاق وهو باطل بما ثبت من وجوب القول بالإحباط.
الوجه الثاني: قوله تعالى: (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها) (217) وقوله تعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) (218).
ومنهم من زعم أن عقابه منقطع. واحتج لذلك بوجوه:
الأول: أن الطاعات يستحق بها الثواب وهو دائم إجماعا، والمعصية يستحق بها العقاب، أما استحقاق الثواب بالطاعات فلقوله تعالى: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) (219) و (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) (220).