ومن لواحق الكلام في الصفات: الكلام في كونه تعالى متكلما وقد أجمع المسلمون على وصفه تعالى بذلك ووصف به نفسه بقوله (وكلم الله موسى تكليما) (68 *) ثم اختلفوا في معنى ذلك فقال أهل الحق: إنه متكلم بمعنى أنه فعل الكلام الذي هو الحروف والأصوات، وأن ذلك الكلام محدث ومجعول ومخلوق، بمعنى أنه فاعل له. وقال قوم: إنه متكلم بكلام قديم قائم بذاته وهم الأشعرية ومن تابعهم. وذهب أهل الحشو إلى أن كلامه هو الحروف والأصوات وهي مع ذلك قديمة. (69 *) واعلم أن الكلام على هاتين الطائفتين يستدعي تقديم مقدمة يكشف بها عن موضوع لفظة الكلام، فنقول: الكلام هو ما انتظم من حرفين فصاعدا من هذه الحروف المعقولة المتواضع عليها إذا صدرت من معبر واحد. وبهذه القيود يتبين أن ما صيغ من غير هذه الحروف لا يسمى كلاما، ولا الحرف الواحد ما لم تكن الزيادة منوية كقولنا: ق وع، وكذلك ما كان من هذه الحروف غير متواضع على تركيبها فإنه يكون مهملا، وربما سماه بعضهم كلاما، ولو نطق ناطقان كل (70) واحد منهما بحرف لم يسم مجموع نطقيهما كلاما بمقتضى هذا التحديد.
(٧٢)