الاستسعاد (25) عليهم بغيرهم، ثم الكلام فيهم كما في الأول، فلا بد من الانتهاء إلى جند معصومين دفعا للتسلسل. وهذه الحجة مماثلة لحجتكم في إثبات عصمة الإمام، فإن دلت هناك دلت هنا. الرابع: لو كانت العلة المحوجة إلى الإمام جواز الخطأ، لكان لو فرض في الأمة معصوم لم يكن إماما ولا مأموما، لكن ذلك باطل بالإجماع.
والجواب: قوله: لا نسلم أن العلة المحوجة إلى الإمام جواز الخطأ.
قلنا: قد بينا ذلك بكون الاحتياج يدور مع جواز الخطأ على المكلفين وجودا وعدما، لأنا متى عرفنا أن المكلف معصوم استغنى بالعصمة عن الإمام، ومتى ارتفع ذلك احتاج إلى اللطف المحرك إلى فعل الطاعة واجتناب المعصية، وليس كذلك ما عدده من الأمور، وإن كان يحتاج إليه فيها، لكن ليست علة الاحتياج، والعقائد لا يجوز الرجوع فيها إلى الإمام إلا بعد ثبوت عصمته، لأن الخبر المحتمل للصدق والكذب لا يجوز الجزم به إلا لدلالة تدل عليه، فإن عمل بقول الإمام مجردا عن دلالة ولا وثوق بعصمته لم يقطع بصحة خبره، فلا يجوز بناء العقائد على قوله، وإن عمل بقوله منضما إلى الدلالة لم تكن لقوله مزية على غيره، فثبت أن علة الاحتياج إلى الإمام هو ما ذكرناه من جواز الخطأ على المكلفين، وأنه إن كان للمعرفة بالعقائد يلزم أن يكون معصوما أيضا لما ذكرناه.
قوله: ما المانع أن يكون في وقت إمامان جائزا الخطأ ويأخذ كل واحد منهما على صاحبه، فلا يفتقران إلى إمام معصوم؟ قلنا: هذا باطل. وبتقدير صحته فالإلزام باق. أما بطلانه فلأن الإمام يجب على المأموم تعظيمه