كذلك ما يجب على الله في الحكمة: فإنه يطلع على الغيوب، فلا يجب من الألطاف إلا (6) ما يعلم خلوصه عن المفاسد. فالفرق بين البابين واضح.
سلمنا خلوها عن المفاسد، لكن لا نسلم وجوب ما هذا شأنه على الله، فإنا لم نسمع دليلكم الدال على إيجابه. فإن عولتم على الدليل الذي أشرتم إليه في أبواب العدل، من أن الإخلال بذلك نقض لغرض المكلف سبحانه، لأنه إذا عرف أن المكلف يكون أقرب إلى فعل ما أمر به إذا فعل معه فعلا لا يستضر الآمر به، فإنه بتقدير أن لا يفعله يعد ناقضا لغرضه.
قلنا: نحن نطالبكم بدليل هذه الدعوى فإنكم لم تأتونا بزيادة عنها.
سلمنا أن الإمامة لطف، وأن اللطف واجب على الله، لكن لا نسلم مع ذلك وجوب الإمامة، وإنما يلزم ذلك بتقدير أن يكون ذلك اللطف متعينا، بحيث لا يقوم غيره مقامه. أما إذا احتمل أن يكون هناك لطف آخر يقوم مقام هذا اللطف، فإنا لا نسلم وجوبه، فعليكم أن تبينوا إزالة هذا الاحتمال ليتم لكم ما حاولتموه من هذا الاستدلال.
ثم إنا نعارض (7) ما ذكرتموه بوجوه ثلاثة:
الأول: لو وجب نصب الرئيس لكان إما مشروطا بانبساط يده أو لا مع ذلك الشرط. والقسمان باطلان. أما الملازمة فظاهرة. وأما بطلان الأول، فلأن الأزمان تنقضي مع أنا لا نرى إماما منبسط اليد، متمكنا من إمضاء الأحكام، بل لا نعلم وجود مثله. وأما الثاني فبطلانه ظاهر، إذ لا فائدة في