فكان أحق بهذا الاسم.
فبعلم الكلام يتوصل إلى الحقائق، لأنه يبتني على الاستدلال والنظر... وإن كان بعضهم استفاد من علم الكلام استفادة غير صحيحة، واستعمل المغالطة والمراوغة فيه للوصول إلى أغراضه بدل تحري الواقع بالدليل. ولأجل هذا تسرع البعض حيث نسب عدم الفائدة إلى علم الكلام، وتعدى آخر إلى نسبة الضرر إليه!! إذ خلط بين علم الكلام الذي يبتني على أسس صحيحة، وبين من جعل علم الكلام وسيلة للوصول إلى أغراضه الفاسدة.
وممن كتب في علم الكلام وكانت له يد طولى فيه واستعمله للوصول إلى الحقائق على أسسه الصحيحة المبتنية على الاستدلال والنظر أبو الصلاح الحلبي قدس سره، فألف عدة كتب وبحوث في هذا العلم وأوضح السبل واقتصر الطريق لمريدي الحق والحقيقة.
وهذا الكتاب الماثل بين يدي القارئ هو واحد مما أفرغه قلم هذا العالم الجليل خليفة السيد المرتضى في علومه، تحرى فيه الواقع وجعله مبتنيا على أدق الأدلة وأوضحها.
كتبه لما طلب منه جمع تنظيم كتاب يبحث عن المعارف وبصورة متوسطة، خالية عن الإطالة المملة، وتزيد على الاختصار المخل، ليطلع المتأمل فيها على الدليل العقلي ويقف على غرضه الديني، ويقتدي بها المبتدي.
فقسم كتابه إلى:
مسائل التوحيد، بحث فيها وجوب النظر المؤدي إلى المعرفة، ثم تطرق إلى الجسم وحدوثه، وضرورة إثبات المحدث، وصفات المحدث، وكونه قادرا عالما حيا موجودا قديما، قادرا فيما لم يزل سميعا بصيرا مدركا مريدا غنيا واحدا، وكون صفاته تعالى نفسية، وكونه تعالى لا يشبه المحدثات، واستحالة إدراكه بالحواس.
مسائل العدل، بحث فيها في معنى الكلام في العدل، وفي الحسن والقبيح، وكونه تعالى قادرا على القبيح ولا يفعل القبيح، وما يصح تعلق إرادته وكراهته به وما لا يصح،