فقالت: أيها المتمثل بالشعر إرجع، فرجع، فقالت: لعلك ترى أني إنما قلت هذا الذي قلته شكا في صاحبك، فوالله لوددت أن عثمان مخيط عليه في بعض غرايري (1) حتى أكون أقذفه في اليم، ثم ارتحلت حتى نزلت بعض الطريق، فلحقها ابن عباس أميرا على الحج، فقالت له: يا بن عباس إن الله قد أعطاك لسانا وعلما، فأنشدك الله أن تخذل عن قتل هذا الطاغية غدا، ثم انطلقت، فلما قضت نسكها بلغها أن عثمان قتل، فقالت:
أبعده الله بما قدمت يداه، الحمد لله الذي قتله، وبلغها أن طلحة ولي بعده، فقالت: إيه ذا الإصبع (2)، فلما بلغها أن عليا عليه السلام بويع، قالت: وددت أن هذه وقعت على هذه.
وذكر الواقدي في تاريخه كثيرا مما ذكره الثقفي، وزاد في حديث مروان ومجيئه إلى عائشة: أن زيد بن ثابت كان معه، وأنها قالت: رددت والله إنك وصاحبك هذا الذي يعنيك أمره في رجل كل واحد منكما رحا وأنه في البحر، وأما أنت يا زيد فما أقل والله من له مثل ما لك من عضدان العجوة.
وذكر من طريق آخر: أن المكلم لها في الإقامة مع مروان عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، قالت: لا والله ولا ساعة (3)، إن عثمان غير فغير الله به، آثركم والله وترك أصحاب محمد صلى الله عليه وآله.
وزاد في خطابها لابن عباس: إنك قد أعطيت لسانا وجدلا وعقلا وبيانا، وقد رأيت ما صنع ابن عفان، اتخذ عباد الله خولا، فقال: يا أمه دعيه (4) وما هو فيه، لا ينفرجون عنه حتى يقتلوه، قالت: أبعده الله.
ومن طريق آخر: إياك أن تردد الناس عن هذا الطاغية، فإن المصريين قاتلوه.