ويجوز من طريق العقل أن يبعث الله سبحانه إلى كل مكلف نبيا وينصب له رئيسا، ويجب ذلك إذا علم كونه صلاحا، وإنما علمنا أنه لا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا إمام في الزمان إلا واحد بقوله عليه السلام المعلوم ضرورة من دينه، حسب ما قدمناه.
وهذه الصفات الواجبة والجائزة حاصلة للأئمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وعليهم - الملطوف بوجودهم لأمته، المحفوظ بهم شرعه، المنفذون لملته، المتكاملو الصفات التي بينا وجوب كون الرئيس والحافظ عليها -: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ثم الحسن ثم الحسين ابنا علي، ثم علي بن الحسين، ثم محمد ابن علي، ثم جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد ابن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم الحجة بن الحسن صلوات الله عليهم أجمعين، لا إمامة في الملة لغيرهم، ولا طريق إلى جملة الشريعة من غير جهتهم، ولا إيمان لمن جهلهم أو واحدا منهم.
الدلالة على ذلك: ما بيناه من وجوب الصفات للرئيس العقلي والحافظ للتكليف الشرعي، وفقد دلالة ثبوتها لمن عداهم، أو دعوى بها فيمن سواهم ممن ادعى الإمامة، أو ادعيت له ممن استمر القول بإمامته.
وفساد خلو الزمان من إمام، لكون ذلك مفسدة لا يحسن التكليف معها، وقيام البرهان على ضلال من خالف أهل الإسلام.
ولأنه لا أحد قطع على ثبوت هذه الصفات المدلول على وجوب حصولها للإمام إلا خصها بمن عيناه من الأئمة عليهم السلام، فيجب القطع بصحة هذه الفتيا، لأن تجويز فسادها يقتضي فساد مدلول الأدلة، وذلك باطل.
وهذان الدليلان كافيان في إثبات إمامة الجميع مجملا ومفصلا، ونحن نفرد لإمامة كل منهم كلاما يخصها.