فنقول: إن من الأعراض ما لا يكون الخارج ظرفا لعروضه بل هو ظرف للاتصاف به وهذا هو المعبر عنه بالاعتباري ووجوده إنما هو بوجود منشأ انتزاعه على نحو ينتزع هذا العرض منه فمن ذلك المالية، فإنها قد تدور مدار ما في الشئ من الجهات الذاتية أو من الجهات الخارجية ولو بجعل جاعل بحيث يتعلق به ولو من تلك الجهة أغراض عموم الناس، ويبذلون بإزائه الأموال، ولا يعتبر في المنشأ كونه ذاتيا " للشئ وصفة من أوصافه الذاتية كالجواهر والمعادن وأمثال ذلك، بل المدار في تحقق المالية للشئ تعلق أغراض الناس عموما " به والسعي في تحصيله لنيل الأغراض المقصودة منه، ولو كان المنشأ أمرا " خارجيا "، ولعل من ذلك ما هو المتعارف في عصرنا من جعل السلاطين الأوراق المطبوعة المعبر عنها بالنوط والاسكناس المعدودة بحكم الأثمان في إجراء المعاملات بها فيما بينهم كالنقود المسكوكة فإن لها من حيث هي كذلك مالية متعلقة بها أغراض عموم العقلاء ولو كان ذلك بجعل السلاطين دون جهة في ذاتها ويحتمل قويا أن يكون حكم تلك الأوراق حكم (البروات والسجلات) فإنها لا مالية لها بنفسها وإنما مطلوبيتها ليست إلا لكونها وسيلة إلى تحصيل مال آخر وكم من فرق واضح بين كونها مالا وبين كونها وسيلة إلى تحصيل مال آخر وثمرات مرتبة عليه، ومن ذلك الملكية أيضا وهي ربط خاص بين المالك والمملوك موجب لسلطنته عليه أو نفس السلطنة الحاصلة له عليه، فبين المالية والملكية بحسب المورد عموم وخصوص من وجه، يفترق الأول عن الثاني في الأموال المباحة، والثاني عن الأول في مثل الحبة من الحنطة، فإنها لا مالية لها مع بقائها على الملكية.
ثم إن للملكية بحسب اختلافها قوة وضعفا " مراتب ثلث، أضعفها ملكية الانتفاع، وأقوى منها ملك المنفعة، وأقوى منهما ملك الرقبة لأن