وإلا لخرج عن كونه فضوليا وإن كان هو المالك عند الإجازة، فمع أن إجازة الوقف غير الوقف المعتبر فيه القربة لا يجدي قصدها مع تجرد السبب أو شطر منه عنها لأن معنى اعتبارها في صحة الوقف اعتبار كونها الداعي له، فلا بد من اقترانه بأول العمل حتى يكون ايجاده منبعثا عنها فلا يجدي تحققها في أثناء العمل أو بعده بخلاف شرط الرضا فإن الشرط تحققه ويكفي في الصحة تحققه متى وجد اللهم إلا أن يدعى أنه بالإجازة يصير كالوقف المستأنف كما استحسنه في الشرايع ضرورة إن معنى الوقف وحقيقته إنما يتحقق بالإجازة فيكفي اقترانها بالقربة.
هذا وربما يتوهم إن اللازم حينئذ الاكتفاء بنية القربة عند القبض بناء على اعتباره في صحة الوقف لتحقق معناه حينئذ عنده مع معلومية عدم الاكتفاء بها حين القبض إذا تجردت الإجازة عنها. إلا أنه يدفعه إن القبض ليس مأخوذا " في ماهية الوقف وحقيقة معناه وإن اعتبر شرطا في صحته بمعنى ترتب الأثر عليه ضرورة أن معنى الوقف هو التمليك بنحو تحبيس العين وتسبيل المنفعة والقبض خارج عنه بالبداهة وإن قلنا بتوقف تحقق أثره في الخارج على القبض.
توضيح ذلك: إن معنى الوقف له مراتب في الوجود لأنه: مرة يوجد بالوجود الذهني، وأخرى بالوجود الانشائي الذي هو أخص من مجرد الوجود اللفظي، وثالثة أو رابعة بالوجود الخارجي الذي به يتحقق مصداقه ونعني بالوجود الخارجي الوجود الاستقراري المتحقق به أثره، وإلا فما عدا الذهني منه خارجي أيضا بالمعنى الأعم والموجود الانشائي هو السبب للموجود الخارجي إذا وجد من مالك الانشاء بمباشرته أو إذنه أو إجازته وهو الذي يعتبر وقوعه بقصد القربة لا الموجود بالمعنى الأخير والقبض معتبر فيه بالمعنى الأخير.