لساحران، قال: وقرأ أبو عمرو إن هذين لساحران، بتشديد إن ونصب هذين، قال أبو إسحق: والحجة في إن هذان لساحران، بالتشديد والرفع، أن أبا عبيدة روى عن أبي الخطاب أنه لغة لكنانة، يجعلون ألف الاثنين في الرفع والنصب والخفض على لفظ واحد، يقولون: رأيت الزيدان، وروى أهل الكوفة والكسائي والفراء: أنها لغة لبني الحرث بن كعب، قال: وقال النحويون القدماء: ههنا هاء مضمرة، المعنى: إنه هذان لساحران، قال: وقال بعضهم إن في معنى نعم كما تقدم، وأنشدوا لابن قيس الرقيات:
بكرت علي عواذلي يلحينني وألومهنه ويقلن: شيب قد علا ك، وقد كبرت، فقلت: إنه.
أي إنه قد كان كما تقلن، قال أبو عبيد: وهذا اختصار من كلام العرب يكتفى منه بالضمير لأنه قد علم معناه، وقال الفراء في هذا: إنهم زادوا فيها النون في التثنية وتركوها على حالها في الرفع والنصب والجر، كما فعلوا في الذين فقالوا الذي، في الرفع والنصب والجر، قال: فهذا جميع ما قال النحويون في الآية، قال أبو إسحق: وأجودها عندي أن إن وقعت موقع نعم، وأن اللام وقعت موقعها، وأن المعنى نعم هذان لهما ساحران، قال: والذي يلي هذا في الجودة مذهب بني كنانة وبلحرث بن كعب، فأما قراءة أبي عمرو فلا أجيزها لأنها خلاف المصحف، قال:
وأستحسن قراءة عاصم والخليل إن هذان لساحران. وقال غيره: العرب تجعل الكلام مختصرا ما بعده على إنه، والمراد إنه لكذلك، وإنه على ما تقول، قال: وأما قول الأخفش إنه بمعنى نعم فإنما يراد تأويله ليس أنه موضوع في اللغة لذلك، قال: وهذه الهاء أدخلت للسكوت. وفي حديث فضالة بن شريك: أنه لقي ابن الزبير فقال: إن ناقتي قد نقب خفها فاحملني، فقال: ارقعها بجلد واخصفها بهلب وسر بها البردين، فقال فضالة: إنما أتيتك مستحملا لا مستوصفا، لا حمل الله ناقة حملتني إليك فقال ابن الزبير: إن وراكبها أي نعم مع راكبها. وفي حديث لقيط ابن عامر: ويقول ربك عز وجل وإنه أي وإنه كذلك، أو إنه على ما تقول، وقيل: إن بمعنى نعم والهاء للوقف، فأما قوله عز وجل: إنا كل شئ خلقناه بقدر، وإنا نحن نحيي ونميت، ونحو ذلك فأصله إننا ولكن حذفت إحدى النونين من إن تخفيفا، وينبغي أن تكون الثانية منهما لأنها طرف، وهي أضعف، ومن العرب من يبدل همزتها هاء مع اللام كما أبدلوها في هرقت، فتقول:
لهنك لرجل صدق، قال سيبويه: وليس كل العرب تتكلم بها، قال الشاعر: ألا يا سنا برق على قنن الحمى، لهنك من برق علي كريم وحكى ابن الأعرابي: هنك وواهنك، وذلك على البدل أيضا. التهذيب في إنما: قال النحويون أصلها ما منعت إن من العمل، ومعنى إنما إثبات لما يذكر بعدها ونفي لما سواه كقوله:
وإنما يدافع عن أحسابهم أنا ومثلي المعنى: ما يدافع عن أحسابهم إلا أنا أو من هو مثلي، وأن:
كإن في التأكيد، إلا أنها تقع موقع الأسماء ولا تبدل همزتها هاء، ولذلك قال سيبويه: وليس أن كإن، إن كالفعل، وأن