لا ينفخ التقريب منه الأبهرا، إذا عرته جنه وأبطرا.
قد يجوز أن يكون جنون مرحه، وقد يكون الجن هنا هذا النوع المستتر عن العين أي كأن الجن تستحثه ويقويه قوله عرته لأن جن المرح لا يؤنث إنما هو كجنونه، وتقول: افعل ذلك الأمر بجن ذلك وحدثانه وجده، بجنه أي بحدثانه، قال المتنخل الهذلي:
كالسحل البيض جلا لونها سح نجاء الحمل الأسول أروى بجن العهد سلمى، ولا ينصبك عهد الملق الحول.
يريد الغيث الذي ذكره قبل هذا البيت، يقول: سقى هذا الغيث سلمى بحدثان نزوله من السحاب قبل تغيره، ثم نهى نفسه أن ينصبه حب من هو ملق. يقول: من كان ملقا ذا تحول فصرمك فلا ينصبك صرمه. ويقال: خذ الأمر بجنه واتق الناقة فإنها بجن ضراسها أي بحدثان نتاجها. وجن النبت: زهره ونوره، وقد تجننت الأرض وجنت جنونا، قال:
كوم تظاهر نيها لما رعت روضا بعيهم والحمى مجنونا وقيل: جن النبت جنونا غلظ واكتهل. وقال أبو حنيفة: نخلة مجنونة إذا طالت، وأنشد:
يا رب أرسل خارف المساكين عجاجة ساطعة العثانين تنفض ما في السحق المجانين.
قال ابن بري: يعني بخارف المساكين الريح الشديدة التي تنفض لهم التمر من رؤوس النخل، ومثله قول الآخر:
أنا بارح الجوزاء، ما لك لا ترى عيالك قد أمسوا مراميل جوعا؟
الفراء: جنت الأرض إذا قاءت بشئ معجب، وقال الهذلي:
ألما يسلم الجيران منهم، وقد جن العضاة من العميم.
ومررت على أرض هادرة متجننة: وهي التي تهال من عشبها وقد ذهب عشبها كل مذهب. ويقال: جنت الأرض جنونا إذا اعتم نبتها، قال ابن أحمر:
تفقأ فوقه القلع السواري، وجن الخازباز به جنونا.
جنونه: كثرة ترنمه في طيرانه، وقال بعضهم: الخاز باز نبت، وقيل: هو ذباب. وجنون الذباب: كثرة ترنمه. وجن الذباب أي كثر صوته. وجنون النبت: التفافه، قال أبو النجم:
وطال جن السنام الأميل.
أراد تموك السنام وطوله. وجن النبت جنونا أي طال والتف وخرج زهره، وقوله:
وجن الخاز باز به جنونا.
يحتمل هذين الوجهين. أبو خيرة: أرض مجنونة معشبة لم يرعها أحد. وفي التهذيب: شمر عن ابن الأعرابي: يقال للنخل المرتفع طولا مجنون، وللنبت الملتف الكثيف الذي قد تأزر بعضه في بعض مجنون.
والجنة: البستان، ومنه الجنات، والعرب تسمي النخيل جنة، قال زهير:
كأن عيني في غربي مقتلة، من النواضح، تسقي جنة سحقا.