وذهب ابن دريد وحده إلى أن الجون يكون الأحمر أيضا، وأنشد:
في جونة كقفدان العطار.
ابن سيده: والجونة الشمس لاسودادها إذا غابت، قال: وقد يكون لبياضها وصفائها، وهي جونة بينة الجونة فيهما. وعرضت على الحجاج درع، وكانت صافية، فجعل لا يرى صفاءها، فقال له أنيس الجرمي، وكان فصيحا: إن الشمس لجونة، يعني أنها شديدة البريق والصفاء فقد غلب صفاؤها بياض الدرع، وأنشد الأصمعي:
غير، يا بنت الحليس، لوني طول الليالي واختلاف الجون، وسفر كان قليل الأون يريد النهار، وقال آخر:
يبادر الجونة أن تغيبا.
وهو من الأضداد. والجونة في الخيل: مثل الغبسة والوردة، وربما همز. والجونة: عين الشمس، وإنما سميت جونة عند مغيبها لأنها تسود حين تغيب، قال الشاعر:
يبادر الجونة أن تغيبا.
قال ابن بري: الشعر للخطيم الضبابي (* قوله للخطيم الضبابي في الصاغاني للأجلح بن قاسط الضبابي). وصواب إنشاده بكماله كما قال:
لا تسقه حزرا ولا حليبا، إن لم تجده سابحا يعبوبا، ذا ميعة يلتهم الجبوبا، يترك صوان الصوى ركوبا (* قوله الصوى رواية التكملة: الحصى) بزلقات قعبت تقعيبا، يترك في آثاره لهوبا يبادر الأثآر أن تؤوبا، وحاجب الجونة أن يغيبا، كالذئب يتلو طمعا قريبا (* قوله كالذئب إلخ بعده كما في التكملة:
على هراميت ترى العجيبا أن تدعو الشيخ فلا يجيبا.) يصف فرسا يقول: لا تسقه شيئا من اللبن إن لم تجد فيه هذه الخصال، والحزر: الحازر من اللبن وهو الذي أخذ شيئا من الحموضة، والسابح: الشديد العدو، واليعبوب: الكثير الجري، والميعة:
النشاط والحدة، ويلتهم: يبتلع، والجبوب: وجه الأرض، ويقال ظاهر الأرض، والصوان: الصم من الحجارة، الواحدة صوانة، والصوى: الأعلام، والركوب: المذلل، وعنى بالزالقات حوافره، واللهوب: جمع لهب، وقوله:
يبادر الأثآر أن تؤوبا.
الأوب: الرجوع، يقول: يبادر أثآر الذين يطلبهم ليدركهم قبل أن يرجعوا إلى قومهم، ويبادر ذلك قبل مغيب الشمس، وشبه الفرس في عدوه بذئب طامع في شئ يصيده عن قرب فقد تناهى طمعه، ويقال للشمس جونة بينة الجونة. وفي حديث أنس: جئت إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وعليه بردة جونية، منسوبة إلى الجون، وهو من الألوان، ويقع على الأسود والأبيض، وقيل: الياء للمبالغة كما يقال في الأحمر أحمري، وقيل: هي منسوبة إلى بني الجون، قبيلة من الأزد. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لما قدم الشأم أقبل على جمل عليه جلد كبش جوني أي أسود، قال الخطابي: الكبش الجوني هو الأسود الذي أشرب حمرة، فإذا نسبوا قالوا