الله ملائكته أجلتهم من الأرض، وقيل: إن هؤلاء الملائكة صاروا سكان الأرض بعد الجان فقالوا: يا ربنا أتجعل فيها من يفسد فيها. أبو عمرو: الجان من الجن، وجمعه جنان مثل حائط وحيطان، قال الشاعر:
فيها تعرف جنانها مشاربها داثرات أجن.
وقال الخطفى جد جرير يصف إبلا:
يرفعن بالليل، إذا ما أسدفا، أعناق جنان وهاما رجفا.
وفي حديث زيد بن مقبل: جنان الجبال أي يأمرون بالفساد من شياطين الإنس أو من الجن. والجنة، بالكسر: اسم الجن. وفي الحديث: أنه نهى عن ذبائح الجن، قال: هو أن يبني الرجل الدار فإذا فرغ من بنائها ذبح ذبيحة، وكانوا يقولون إذا فعل ذلك لا يضر أهلها الجن. وفي حديث ماعز: أنه، صلى الله عليه وسلم: سأل أهله عنه فقال:
أيشتكي أم به جنة؟ قالوا: لا، الجنة، بالكسر: الجنون. وفي حديث الحسن: لو أصاب ابن آدم في كل شئ جن أي أعجب بنفسه حتى يصير كالمجنون من شدة إعجابه، وقال القتيبي: وأحسب قول الشنفري من هذا:
فلو جن إنسان من الحسن جنت.
وفي الحديث: اللهم إني أعوذ بك من جنون العمل أي من الإعجاب به، ويؤكد هذا حديثه الآخر: أنه رأى قوما مجتمعين على إنسان فقال: ما هذا؟ فقالوا: مجنون، قال: هذا مصاب، إنما المجنون الذي يضرب بمنكبيه وينظر في عطفيه ويتمطى في مشيته. وفي حديث فضالة: كان يخر رجال من قامتهم في الصلاة من الخصاصة حتى يقول الأعراب مجانين أو مجانون، المجانين: جمع تكسير لمجنون، وأما مجانون فشاذ كما شذ شياطون في شياطين، وقد قرئ: واتبعوا ما تتلو الشياطون. ويقال: ضل ضلاله وجن جنونه، قال الشاعر:
هبت له ريح فجن جنونه، لما أتاه نسيمها يتوجس.
والجان: ضرب من الحيات أكحل العينين يضرب إلى الصفرة لا يؤذي، وهو كثير في بيوت الناس. سيبويه: والجمع جنان، وأنشد بيت الخطفى جد جرير يصف إبلا:
أعناق جنان وهاما رجفا، وعنقا بعد الرسيم خيطفا.
وفي الحديث: أنه نهى عن قتل الجنان، قال: هي الحيات التي تكون في البيوت، واحدها جان، وهو الدقيق الخفيف: التهذيب في قوله تعالى:
تهتز كأنها جان، قال: الجان حية بيضاء. أبو عمرو:
الجان حية، وجمعه جوان، قال الزجاج: المعنى أن العصا صارت تتحرك كما يتحرك الجان حركة خفيفة، قال: وكانت في صورة ثعبان، وهو العظيم من الحيات، ونحو ذلك قال أبو العباس، قال: شبهها في عظمها بالثعبان وفي خفتها بالجان، ولذلك قال تعالى مرة: فإذا هي ثعبان، ومرة: كأنها جان، والجان: الشيطان أيضا. وفي حديث زمزم:
أن فيها جنانا كثيرة أي حيات، وكان أهل الجاهلية يسمون الملائكة، عليهم السلام، جنا لاستتارهم عن العيون، قال الأعشى يذكر سليمان، عليه السلام:
وسخر من جن الملائك تسعة، قياما لديه يعملون بلا أجر.