عليه وسلم، إذ جائه رجل، أصل بينا بين، فأشبعت الفتحة فصارت ألفا، ويقال بينا وبينما، وهما ظرفا زمان بمعنى المفاجأة، ويضافان إلى جملة من فعل وفاعل ومبتدأ وخبر، ويحتاجان إلى جواب يتم به المعنى، قال:
والأفصح في جوابهما أن لا يكون فيه إذا وإذا، وقد جاءا في الجواب كثيرا، تقول: بينا زيد جالس دخل عليه عمرو، وإذ دخل عليه، وإذا دخل عليه، ومنه قول الحرقة بنت النعمان:
بينا نسوس الناس، والأمر أمرنا، إذا نحن فيهم سوقة نتنصف وأما قوله تعالى: وجعلنا بينهم موبقا، فإن الزجاج قال: معناه جعلنا بينهم من العذاب ما يوبقهم أي يهلكهم، وقال الفراء: معناه جعلنا بينهم أي تواصلهم في الدنيا موبقا لهم يوم القيامة أي هلكا، وتكون بين صفة بمنزلة وسط وخلال. الجوهري: وبين بمعنى وسط، تقول:
جلست بين القوم، كما تقول: وسط القوم، بالتخفيف، وهو ظرف، وإن جعلته اسما أعربته، تقول: لقد تقطع بينكم، برفع النون، كما قال أبو خراش الهذلي يصف عقابا:
فلاقته ببلقعة براح، فصادف بين عينيه الجبوبا الجبوب: وجه الأرض. الأزهري في أثناء هذه الترجمة: روي عن أبي الهيثم أنه قال الكواكب الببانيات (* وردت في مادة بين البابانيات تبعا للأصل، والصواب ما هنا). هي التي لا ينزلها شمس ولا قمر إنما يهتدى بها في البر والبحر، وهي شامية، ومهب الشمال منها، أولها القطب وهو كوكب لا يزول، والجدي والفرقدان، وهو بين القطب، وفيه بنات نعش الصغرى، وقال أبو عمرو: سمعت المبرد يقول إذا كان الاسم الذي يجئ بعد بينا اسما حقيقيا رفعته بالابتداء، وإن كان اسما مصدريا خفضته، ويكون بينا في هذا الحال بمعنى بين، قال: فسألت أحمد بن يحيى عنه ولم أعلمه قائله فقال: هذا الدر، إلا أن من الفصحاء من يرفع الاسم الذي بعد بينا وإن كان مصدريا فيلحقه بالاسم الحقيقي، وأنشد بيتا للخليل ابن أحمد:
بينا غنى بيت وبهجته، ذهب الغنى وتقوض البيت وجائز: وبهجته، قال: وأما بينما فالاسم الذي بعده مرفوع، وكذلك المصدر. ابن سيده: وبينا وبينما من حروف الابتداء، وليست الألف في بينا بصلة، وبينا فعلى أشبعت الفتحة فصارت ألفا، وبينما بين زيدت عليه ما، والمعنى واحد، وهذا الشئ بين بين أي بين الجيد والردئ، وهما اسمان جعلا واحدا وبنيا على الفتح، والهمزة المخففة تسمى همزة بين بين، وقالوا: بين بين، يريدون التوسط كما قال عبيد بن الأبرص:
نحمي حقيقتنا، وبع - ض القوم يسقط بين بينا وكما يقولون: همزة بين بين أي أنها همزة بين الهمزة وبين حرف اللين، وهو الحرف الذي منه حركتها إن كانت مفتوحة، فهي بين الهمزة والألف مثل سأل، وإن كانت مكسورة فهي بين الهمزة والياء مثل سئم، وإن كانت مضمومة فهي بين الهمزة والواو مثل لؤم، إلا أنها ليس لها تمكين الهمزة المحققة، ولا تقع الهمزة المخففة أبدا أولا لقربها بالضعف من الساكن، إلا أنها وإن كانت قد قربت من الساكن ولم يكن لها تمكين الهمزة المحققة فهي