متحركة في الحقيقة، فالمفتوحة نحو قولك في سأل سأل، والمكسورة نحو قولك في سئم سئم، والمضمومة نحو قولك في لؤم لؤم، ومعنى قول سيبويه بين بين أنها ضعيفة ليس لها تمكين المحققة ولا خلوص الحرف الذي منه حركتها، قال الجوهري: وسميت بين بين لضعفها، وأنشد بيت عبيد بن الأبرص:
وبعض القوم يسقط بين بينا أي يتساقط ضعيفا غير معتد به، قال ابن بري: قال السيرافي كأنه قال بين هؤلاء وهؤلاء، كأنه رجل يدخل بين فريقين في أمر من الأمور فيسقط ولا يذكر فيه، قال الشيخ: ويجوز عندي أن يريد بين الدخول في الحرب والتأخر عنها، كما يقال: فلان يقدم رجلا ويؤخر أخرى.
ولقيته بعيدات بين إذا لقيته بعد حين ثم أمسكت عنه ثم أتيته، وقوله:
وما خفت حتى بين الشرب والأذى بقانئه، إني من الحي أبين أي بائن. والبيان: ما بين به الشئ من الدلالة وغيرها. وبان الشئ بيانا: اتضح، فهو بين، والجمع أبيناء، مثل هين وأهيناء، وكذلك أبان الشئ فهو مبين، قال الشاعر:
لو دب ذر فوق ضاحي جلدها، لأبان من آثارهن حدور قال ابن بري عند قول الجوهري والجمع أبيناء مثل هين وأهيناء، قال: صوابه مثل هين وأهوناء لأنه من الهوان. وأبنته أي أوضحته. واستبان الشئ: ظهر. واستبنته أنا: عرفته. وتبين الشئ: ظهر، وتبينته أنا، تتعدى هذه الثلاثة ولا تتعدى.
وقالوا: بان الشئ واستبان وتبين وأبان وبين بمعنى واحد، ومنه قوله تعالى: آيات مبينات، بكسر الياء وتشديدها، بمعنى متبينات، ومن قرأ مبينات بفتح الياء فالمعنى أن الله بينها. وفي المثل: قد بين الصبح لذي عينين أي تبين، وقال ابن ذريح:
وللحب آيات تبين للفتى شحوبا، وتعرى من يديه الأشاحم (* قوله الأشاحم هكذا في الأصل).
قال ابن سيده: هكذا أنشده ثعلب، ويروى: تبين بالفتى شحوب.
والتبيين: الإيضاح. والتبيين أيضا:
الوضوح، قال النابغة:
إلا الأواري لأيا ما أبينها، والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد يعني أتبينها.
والتبيان: مصدر، وهو شاذ لأن المصادر إنما تجئ على التفعال، بفتح التاء، مثال التذكار والتكرار والتوكاف، ولم يجئ بالكسر إلا حرفان وهما التبيان والتلقاء.
ومنه حديث آدم وموسى، على نبينا محمد وعليهما الصلاة والسلام: أعطاك الله التوراة فيها تبيان كل شئ أي كشفه وإيضاحه، وهو مصدر قليل لأن مصادر أمثاله بالفتح. وقوله عز وجل: وهو في الخصام غير مبين، يريد النساء أي الأنثى لا تكاد تستوفي الحجة ولا تبين، وقيل في التفسير: إن المرأة لا تكاد تحتج بحجة إلا عليها، وقد قيل: إنه يعني به الأصنام، والأول أجود.
وقوله عز وجل: لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، أي ظاهرة متبينة. قال ثعلب: يقول إذا طلقها لم يحل لها أن تخرج من بيته، ولا أن يخرجها هو إلا بحد