جيد كما قالوا: نهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن قيل وقال، فكانتا كالاسمين وهما منصوبتان، ولو خفضتهما على أنهما أخرجتا من نية الفعل إلى نية الأسماء كان صوابا، قال الأزهري: سمعت العرب يقولون: من شب إلى دب، وبعض: من شب إلى دب، ومعناه فعل مذ كان صغيرا إلى أن دب كبيرا. وقال الخليل: الآن مبني على الفتح، تقول نحن من الآن نصير إليك، فتفتح الآن لأن الألف واللام إنما يدخلان لعهد، والآن لم تعهده قبل هذا الوقت، فدخلت الألف واللام للإشارة إلى الوقت، والمعنى نحن من هذا الوقت نفعل، فلما تضمنت معنى هذا وجب أن تكون موقوفة، ففتحت لالتقاء الساكنين وهما الألف والنون. قال أبو منصور:
وأنكر الزجاج ما قال الفراء أن الآن إنما كان في الأصل آن، وأن الألف واللام دخلتا على جهة الحكاية وقال: ما كان على جهة الحكاية نحو قولك قام، إذا سميت به شيئا، فجعلته مبنيا على الفتح لم تدخله الألف واللام، وذكر قول الخليل: الآن مبني على الفتح، وذهب إليه وهو قول سيبويه. وقال الزجاج في قوله عز وجل: الآن جئت بالحق، فيه ثلاث لغات: قالوا الآن، بالهمز واللام ساكنة، وقالوا ألان، متحركة اللام بغير همز وتفصل، قالوا من لان، ولغة ثالثة قالوا لان جئت بالحق، قال: والآن منصوبة النون في جميع الحالات وإن كان قبلها حرف خافض كقولك من الآن، وذكر ابن الأنباري الآن فقال: وانتصاب الآن بالمضمر، وعلامة النصب فيه فتح النون، وأصله الأوان فأسقطت الألف التي بعد الواو وجعلت الواو ألفا لانفتاح ما قبلها، قال: وقيل أصله آن لك أن تفعل، فسمي الوقت بالفعل الماضي وترك آخره على الفتح، قال:
ويقال على هذا الجواب أنا لا أكلمك من الآن يا هذا، وعلى الجواب الأول من الآن، وأنشد ابن صخر:
كأنهما ملآن لم يتغيرا، وقد مر للدارين من بعدنا عصر وقال ابن شميل: هذا أوان الآن تعلم، وما جئت إلا أوان الآن أي ما جئت إلا الآن، بنصب الآن فيهما. وسأل رجل ابن عمر عن عثمان قال:
أنشدك الله هل تعلم أنه فر يوم أحد وغاب عن بدر وعن بيعة الرضوان؟ فقال ابن عمر: أما فراره يوم أحد فإن الله عز وجل يقول:
ولقد عفا الله عنهم، وأما غيبته عن بدر فإنه كانت عنده بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكانت مريضة وذكر عذره في ذلك ثم قال:
اذهب بهذه تلآن معك، قال أبو عبيد: قال الأموي قوله تلآن يريد الآن، وهي لغة معروفة، يزيدون التاء في الآن وفي حين ويحذفون الهمزة الأولى، يقال: تلآن وتحين، قال أبو وجزة:
العاطفون تحين ما من عاطف، والمطعمون زمان ما من مطعم.
وقال آخر:
وصلينا كما زعمت تلانا.
قال: وكان الكسائي والأحمر وغيرهما يذهبون إلى أن الرواية العاطفونة فيقول: جعل الهاء صلة وهو وسط الكلام، وهذا ليس يوجد إلا على السكت، قال: فحدثت به الأموي فأنكره، قال أبو عبيد: وهو عندي على ما قال الأموي ولا حجة لمن احتج